الصداقة الحقيقية هي تلاحم شخصين في شخصية واحدة تحمل فكرا واحدا وتحمل معاني كثيرة أجملها التضحية من أجل الآخر، والتحرر من الانطوائية، والاندماج مع الآخر.
والصداقة هي شجرة بذورها الوفاء وأغصانها الأمل وأوراقها السعادة وهي الطاقة التي لا يمكن للإنسان أن يعيش بدونها، وتعتبر المتنفس حيث يجد كل شخص راحته في التعبير عن رأيه بكل طلاقة ومن دون الشعور بأي تقييد.
ومن يملك صديقا حقيقيا فهو يعتبر ملكا إذ يعتبر الصديق جزءا من العائلة. والصداقة تعني الحب والوفاء والثقة والولاء، وهي من أبرز القيم الإنسانية التي تسمو بها الحياة.
ومع بداية العام الجديد لابد أن نرى: هل نملك أصدقاء حقيقيين أم يجب علينا إعادة النظر فيمن نصادق؟ فالصديق الحقيقي هو الذي يؤثرك على نفسه ويتمنى لك الخير دائما وهو الذي يكون معك في السراء والضراء وفي الفرح والحزن وفي السعة والضيق وفي الغنى والفقر، وهو الذي يظن بك الظن الحسن وإذا أخطأت بحقه يلتمس العذر لك وهو الذي عندما تكون معه كما لو أنك لوحدك أي أنه هو الذي تعتبره بمنزلة نفسك.
والصديق الحقيقي هو الذي يكون بجانبك عندما يرحل العالم كله وهو الذي يحرص على أن يضحكك في حزنك ويتعاطف مع مشاكلك وهو من يعرف كل أخطائك ومع هذا لا يزال يحبك وهو الذي يعرف ما هو شعورك في أول دقيقة عندما يلتقي بك على النقيض من بعض الأشخاص الذين تعرفهم منذ سنين طويلة وهو الذي ينصحك إذا رأى عيبك ويشجعك إذا رأى منك خيرا.
قال الشافعي:
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا والصداقة الحقيقية مثل الصحة الجيدة لا تعرف قيمتها إلا عند فقدانها، فلنحافظ على أصدقائنا الحقيقيين ونتخلص من أصدقاء الحاجة، فقد قال أرسطو عن الصداقة أنها مشاعر عطف متبادلة بين عدد من الأفراد في المجتمع والتي تكون مبنية على وجود تشابه في الأذواق وعلى العشرة الحسنة والمشاركة الوجدانية ومن وجهة نظر أرسطو أن الصداقة تورث عددا من الأمور المهمة في الحياة مثل الكرم ونكران الذات والمحبة غير المشروطة وربط أرسطو الصداقة بالسعادة البحتة والكاملة التي تساعد على تحديد العلاقة مع الذات ومع الناس بشكل عام.
أما من منظور ابن المقفع فقد ذكر أن الصداقة هي الزينة للحياة الرغدة والعدة والعتاد عند الشدة وذكر كيفية التعامل مع الصديق بعدم قول ما لا يمكن فعله وعدم الاعتذار لغير حاجة وعدم الغضب عند رؤية الصديق مع عدو أو شخص بغيض.
أما الصداقة من منظور التراث العربي فهي تتلخص في اتفاق الأشخاص على المحبة والمودة وأن تكون العلاقة مبنية على الصدق. فلنبدأ عامنا الجديد مع أصدقاء حقيقيين ليكون عاما سعيدا يخلو من النفاق ومن أصدقاء السوء.