يطلق مصطلح المجتمع المدني على كل أنواع الأنشطة التطوعية التي تنظمها الجماعة حول مصالح وقيم وأهداف مشتركة وتضم المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية التي لها وجود في الحياة العامة.
والمجتمع المدني يعني الجمعيات التطوعية والخيرية والاتحادات والنقابات المهنية ومؤسسات العمل الخيري والمبادرات الشرعية، وهذه تكون لها أطر قانونية واتفاقيات محلية ودولية لتنظيم عملها في البلاد، بالإضافة إلى مسؤولياتها التنموية وتقديم المساعدات سواء للأفراد أو للدولة.
وانتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من المبادرات المجتمعية حيث ان المبادرة هي فكرة وخطة عمل تطرح لمعالجة قضايا المجتمع وتتحول إلى مشاريع تنموية قصيرة المدى وبعيدة المدى وتصدر عن المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والجمعيات الخيرية والتطوعية وتأخذ طريقا فرعيا عن الأهداف الرئيسية للمؤسسة أو الجمعية فتحقق أهدافها الفرعية بشكل مستقل.
ولكن انتشرت العديد من المبادرات في الآونة الأخيرة والتي قد تتشابه في العمل وتختلف في بعض مفردات التسمية وبعضها شرعي والآخر بدون موافقات الجهات المختصة أي أنها غير شرعية ولا يمكن معرفة أهدافها الخفية إذ انها تعمل بدون أي مظلة مما يؤدي إلى تزعزع الثقة في بعضها وإلى تعدد المشاكل، بالإضافة إلى أن البعض يقوم بجمع التبرعات بدون وجه حق وتنظيم الدورات التدريبية للشباب بدون وجود أي جهات رقابية على عملهم.
إن تنظيم وإصلاح وإعادة هيكلة المجتمع المدني أصبح ضرورة نظرا لعلامات التعجب والاستفهام التي تتعلق بالتمويل والصرف والرعاية لبعض المبادرات والأنشطة وهو ما قد يزرع الشك في أنشطة المجتمع المدني بوجه عام ويحرم المجتمع من خدماتها ولكن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ومصلحة المجتمع لابد أن تتطابق مع مصلحة الوطن وهو ما يقتضي تنقية المجتمع المدني من أي ممارسات أو مبادرات يحيط بها الغموض بمصادر التمويل وأوجه الصرف بها والقائمين عليها، وهي ليست دعوة لفرض الوصاية الحكومية على المجتمع المدني أو تكبيل أنشطته بالأغلال بل هي دعوة للشفافية وإعلاء مصلحة الوطن في ظل الظروف الإقليمية والدولية التي تتطلب الحنكة واليقظة والحكمة وسد أي ثغرات قي يتسلل منها ضعاف النفوس أو أصحاب الأجندات التي لا تتفق مع مصلحة الوطن.
إن دور وزارة الشؤون الاجتماعية وأجهزة الدولة المختصة بالرقابة على كل الأعمال التطوعية والمبادرات المجتمعية يعتبر مهما جدا حتى لا تكون هناك مبادرات لها أهداف قد تضر بالمجتمع وبالدولة وتعمل منفصلة عن القوانين المعمول بها بالبلاد.
ولابد من حصر جميع المبادرات التي تنتشر في بلادنا في هذه الأيام من قبل وزارة الشؤون لمعرفة أهداف كل مبادرة ومدى شرعيتها والتزامها بالقوانين والاتفاقيات المحلية والدولية حتى لا نندم بعد ذلك على أمور لم تكن في الحسبان ولم ننتبه لها، والله ولي التوفيق.