قرار التقاعد هو قرار شخصي ويختلف توقيت اتخاذ القرار ومبرراته من شخص لآخر، ولا يرتبط بالعمر، ولا يرتبط بالصحة الاجتماعية، هذا لمن اتخذ القرار بنفسه ولا ينطبق على حالات الإحالة للتقاعد.
ولكن المتقاعدين يمثلون ثروة بشرية وطنية هائلة في مختلف التخصصات ولديهم خبرات تراكمية تحتاج لها أي مؤسسة في أي وقت لتزيد إنتاجها بتوظيف هذه الكفاءات المتقاعدة.
ولذلك يجب وضع آلية ومنهجية مناسبة للاستفادة من خبرات المتقاعدين وعدم التفريط فيها بذريعة أنهم أعطوا ما عندهم، وفي تخصصات كثيرة يصعب اتخاذ قرارات صائبة دون وجود خبرات، ومع الاتجاه إلى إعادة النظر في التركيبة السكانية والإحلال فإن الدولة عليها أن تضع سياسات مشجعة للاستفادة من خبرات المتقاعدين عن طريق إبرام عقود محددة مع من يرغب من المواطنين المتقاعدين وإشراكهم في وضع خطط واستراتيجيات التنمية بالبلاد بإعطاء مشورتهم وخبراتهم ويحتاج ذلك إلى أن تستوعب الأجيال الشابة أن الوطن للجميع وأن الخبرة والحنكة والحكمة لدى الرعيل الأول وأن تشجيعهم على إعطاء خبراتهم يحتاج إلى مناخ ترحيبي وتشجيع من المؤسسة بأكملها سواء كانت مؤسسة خدمات أو إنتاج، وقد يكون لإشراك المتقاعدين بالرأي مردود مادي على المؤسسة وعلى من يعملون بها بدلا من اللهث وراء استقدام خبراء ومستشارين وبيوت خبرة من الخارج معظمهم ليس لديهم خبرة بالظروف المحلية، وأثق أن هناك الكثير من المتقاعدين الذين ينتظرون استدعاءهم للمشاركة في تنمية الوطن بتقديم خبراتهم ولا ينتظرون أكثر من التقدير الأدبي والمعنوي، ولا بد من أن تقوم أجهزة الدولة وخصوصا الأمانة العامة للتخطيط والتنمية بإتاحة الفرصة في برامج التنمية للاستفادة من خبراتهم والتي سيكون لها الأثر الإيجابي لتحقيق رؤية كويت المستقبل التي يشارك بالعمل من أجل تحقيقها الجميع ولا يستثنى أحد من ذلك.
وفي العديد من الدول المتقدمة تجد المؤسسات تزهو وتفتخر بالاستفادة من خبرات المتقاعدين لإنجاز بعض المهام المحددة أو إيجاد حلول لبعض المشاكل التي يحتاج حلها إلى خبرات تراكمية، بل إن رؤساء ووزراء سابقين تستعين بهم الدول المتقدمة لأداء مهام محددة دون أي غيرة أو حساسيات مع الأجيال الجديدة.
وأتمنى أن يقوم أحد الوزراء بخطوة شجاعة بالاستعانة بخبرات الوزراء السابقين في وزارته من خلال مجلس استشاري عالي المستوى يضم الوزراء السابقين.
وأتمنى أن أرى حلول مشاكل الصحة تخرج من مجلس استشاري يضم وزراء الصحة السابقين وفي مقدمتهم د.عبدالرحمن العوضي متعه الله بالصحة والعافية، فقد كان أداؤه بـ «الصحة» متميزا وينطلق من رؤية بعيدة المدى ونجح في مجابهة العديد من التحديات واستحدث برامج رائدة بوزارة الصحة وجعل للكويت مكانة مرموقة ومتميزة، كما جعل صوتها مسموعا في المحافل الصحية الدولية.