ما يمكن أن يطلق عليه سبت الفلافل الذي عاشته مستشفيات وزارة الصحة يحتاج إلى تأمل لدراسته حتى لا تتكرر تداعيات الفلافل على حياتنا اليومية، فإن إطلاق صافرات سيارات الإسعاف مسرعة لتوصيل أكثر من 278 حالة من ضحايا التسمم بالفلافل إلى المستشفيات التي أعلنت حالة الطوارئ بها يجب ألا يسقط من الذاكرة قبل أن نعي حقيقة ما حدث، نحن شعب يعشق الأكل من المطاعم، وطلبات المطاعم لا تنقطع عن أي بيت سواء من الفلافل أو الفول أو غيرها.
ومهما قيل عن أن الوجبات الخارجية غير صحية فإن العولمة قد أثرت على العادات اليومية وأصبحت الطلبات من المطاعم عادة متكررة يوميا في البيت والعمل بدلا من الوجبات المنزلية التقليدية.
وأصبح التصدي للأغذية غير الصحية تحديا كبيرا أمام كل المهتمين بالشأن الصحي.
وأصبحت المطاعم بأنواعها وخدماتها المختلفة مشاريع مريحة ومربحة، وفي المقابل لو فكرنا فيمن يقومون بالعمل في المطاعم وتجهيز الطلبات فهم عمالة وافدة من العديد من الدول ومن بينهم من يحرصون على النظافة الشخصية بل ولبس الكمام أثناء العمل والأكثرية منهم لا يكترثون بأي نظافة شخصية أو نظافة الملبس ويقومون بتحضير وتجهيز الوجبات السريعة دون أي اهتمام بالنظافة الشخصية، وهذا ليس منحصرا فقط في المطاعم الصغيرة بل قد يكون موجودا أيضا في فنادق مشهورة ولابد من حلول لحماية أفراد المجتمع من تكرار طوارئ الفلافل وحماية الأمن الصحي من التسمم الغذائي الذي كان ضحاياه هذه المرة أكثر من 287 حالة وكلف الدولة آلاف الدنانير للعلاج في المستشفيات ما بين إقامة بالمستشفى وأدوية وتحاليل، فضلا عن حالة الهلع التي عشناها جميعا والتي ترتب عليها قيام وكيل الوزارة وأحد الوكلاء المساعدين بالصحة بزيارة المستشفيات لقيادة المعركة ضد تداعيات الفلافل.
إننا يجب ان نضاعف الجهود والإجراءات لحماية الأمن الصحي، وليست مصادفة ان تحدث واقعة الفلافل مع ما تم تداوله منذ عدة أيام عن خلل ما بمنظومة فحص العمالة الوافدة ودخول آلاف الحالات من حملة الإيدز والالتهاب الكبدي والسل إلى البلاد واستبعاد الشركات الوطنية من منظومة الرقابة على العمالة الوافدة، وكذلك تخلي البلدية عن دورها في الرقابة على سلامة الأغدية وصحة متداولي الأغذية بعد إنشاء هيئة الغذاء الجديدة.
ومما لا يدعو مجالا للشك أن هناك العديد من الثغرات في سلسلة تداول الأغذية وتحضير الوجبات والتدقيق على السلامة الغذائية وقد يكون الفساد ليس قاصرا فقط على الفلافل، بل ان الفساد قد يكون في مواضع كثيرة بسبب الثغرات في القوانين والإجراءات وتطبيقها.
وان ما نريده الآن هو تشكيل لجنة تحقيق مستقلة ومحايدة للتحقيق الشفاف في أسباب واقعة الفلافل وتقييم الإجراءات وتحديد المسؤولية ومعاقبة المتسببين بلا شفقة ولا رحمة حتى نعيد الثقة بالفلافل التي هجرها وانصرف عنها الكثير من عشاقها.
وأرجو أن نسمع قريبا بكل شفافية عن نتائج التحقيق والأسباب التي أدت إلى الطوارئ بسبب الفلافل وإلى الهلع والخوف في كل بيت، وأن يكون ما حدث ناقوس إنذار لمراجعة وتصحيح إجراءات الرقابة على السلامة الغذائية وصحة متداولي الأغدية ضمن رقابة وطنية أمينة وصارمة على الفحوصات الطبية للعمالة الوافدة لحماية الأمن الصحي وعدم تكرار واقعة الفلافل التاريخية، وبغض النظر عن تاريخ وأصل الفلافل وهل هي فرعونية أم قبطية أم يهودية المنشأ فإن شعبية الفلافل كاسحة على موائد الفقراء والأغنياء على حد سواء ولها جاذبية خاصة لا تقاوم من الجميع.. ومن هنا كان الإقبال على الفلافل ورواج مطاعم الفلافل في كل الدول.