يعتقد البعض أن دول الخليج العربي تعني النفط والثروة فقط وأن تاريخها لا يزيد على بيوت شعر وصحراء جرداء ومراع، ولكن في الواقع أن تاريخ الجزيرة العربية ودول الخليج العربي أعمق من ذلك بكثير ويزخر بالعديد من مظاهر الحضارات القديمة المتتابعة بما تعنيه هذه الكلمة من ثقافة عريقة وعميقة الجذور وقصص لبناء الدول والمجتمعات في دول الخليج والتي لم تكن تعرف الثروة والنفط من قبل.
وإن الزائر لمتحف الفن الإسلامي في الدوحة بدولة قطر الشقيقة يستمتع بما يحتوي عليه المتحف من أحجار كريمة ومقتنيات ثمينة من المخطوطات والخزف والمشغولات الزجاجية والعاج وهي مقتنيات تم جمعها وعرضها بذوق رفيع في صالات المتحف وتمثل حضارات عريقة من الجزيرة العربية ومن دول الشرق الأوسط ومن مختلف دول العالم امتدادا من الصين إلى إسبانيا لفترة زمنية تمتد إلى أكثر من 1400 سنة.
وإن التصميم الرائع واللمسات الفنية الرقيقة للعرض في المتحف يكشفان عن إدارة واعية حرصت على أن يكون المتحف دليلا حيا على أن دول الخليج العربي تمتلك من مقومات الثقافة والحضارة والتاريخ ما هو أثمن من النفط والغاز والمال.
ويعتبر متحف الفن الإسلامي مفخرة لجميع دول الخليج العربي سواء من حيث الموقع أو التصميم أو المقتنيات الثمينة والمتنوعة والتي تمثل مختلف العصور.
ولا تقل قيمة مكتبة قطر الوطنية عن قيمة متحف الفن الإسلامي حيث انها تضم كنوزا من الوثائق والمخطوطات التي تحكي تاريخ دول الخليج العربي وتكشف عن صفحات لم تكن معروفة من قبل حول أهمية دول الخليج العربي والدور الذي لعبته من خلال موقعها الجغرافي المتميز سواء من حيث التجارة أو الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية.
وأدعو الشباب من جميع دول الخليج الشقيقة إلى زيارة معاقل الثقافة من متاحف ومكتبات وأماكن أثرية مثل متحف الفن الإسلامي والمكتبة الوطنية في قطر، بالإضافة إلى الأماكن الأثرية مثل الزبارة والجميل ليتعرفوا عن قرب على جذور دول الخليج العميقة وليدركوا أن دول الخليج ليست فقط نفطا وغازا ومالا بل إنها ثقافة عريقة وحضارة زاخرة وتاريخ مشرف لجميع الأجيال.
وأنتهز هذه الفرصة لأشيد بالإدارة الواعية التي تقود العمل في تلك المعالم الثقافية والحضارية سواء في متحف الفن الإسلامي أو في المكتبة الوطنية وجميع العاملين بهما إذ انهم يتفانون في إكرام الزوار وتسهيل جولاتهم فيها.