رغم قصر الفترة التي عشتها وعملتها مع المرحوم وليد خالد المرزوق تحديدا فترة ما قبل الغزو العراقي الغاشم بأشهر وبعده بحوالي أربع سنوات حينما كان رئيسا لتحرير «الأنباء»، الا انها ما تزال في الذاكرة، الصور مختزلة، كما لو كانت اليوم حاضرة، المكان جريدة «الأنباء» الولّادة لغالبية الصحافيين اليوم كويتيين وغير كويتيين.. عاصرت المرحوم والمغفور له بإذن الله، فقد كان أخا وقريبا من القلب، شمر عن تواضعه مبكرا، كوالده أطال الله في عمره، وتعامل مع كل فرد يعمل في «الأنباء» كما لو كان قطعة منه، آلامنا هي آلامه، أوجاعنا هي أوجاعه، كيف لا وهو الذي خرج من رحم رجل ضم في قلبه كل الكويت، ونذر نفسه للوطن.. فزرع أولاده فينا.. ورغم الفاجعة، وهول صدمة لم تكن في الحسبان ـ لا راد لمشيئة الله ـ فإن الوليد لم يمت، فعمله باق بيننا.. واخوته باقون على عهده.. فهم امتداد خالد المرزوق.. امتداد طيبة عمرها عقود من الكرم والشهامة.. وهكذا كان وليد.
لم يكن يوما رئيسا للتحرير ولا مسؤولا ولا ابنا لخالد المرزوق فقط، إنما كان للكويت، حينما نتجه إليه نجده قلبا مفتوحا نابضا، حاضرا، وكذا اخوته ولعل عزاءنا انه ترك إرثه في أبنائه ليواصلوا مسيرته.
لم يرد محتاجا، ولم يقفل بابه يوما، حتى في أشد مرضه، كان شامخا، كأبيه.. أعطى الكثير، والكثير، وحينما سلم الراية في «الأنباء» لأخت الرجال الآنسة بيبي المرزوق كان يعلم انها في ايدٍ امينة، وكان يعي ان وليد هو بيبي وفواز هو يوسف ومرزوق هو نوف وهكذا البقية هكذا هم ابناء العم خالد المرزوق الرجل الذي صب جام حبه وكرمه للكويت، ومنح قلبه لكل من لجأ إليه، فغرس في ابنائه ان من يبتغي وجه الله عليه ألا يرد السائل.. ولو لم اكن قريبا يوما من تلك العائلة الكريمة، لقلت إنها لم تنفق شيئا، بيد انها كانت تخفي يمينها ما تعطي عن شمالها، فإن اقدموا.. اقدموا بالسر، وان ساعدوا كان ذلك لوجه الله... .لا حبا في الدنيا وطمعا بسمعة.. فكرمهم يسبقهم بألف ميل.. فكيف للخير ان يخفى عن القلوب.. وكيف لأهل الطيبة ان يكونوا متوارين عن الصدور..
رحم الله الوليد ابن الفارس العم خالد المرزوق.. واسكنه فسيح جناته، ونعزي انفسنا قبل ان نعزي العم خالد المرزوق وابناءه الكرام ابناء الكرام... نعزي انفسنا سليل ابن الكرام.. ثم نعزي العم خالد وابناءه.. لكن ما يهون علينا أن عمله باق.. فهو حتى في غيابه سيبقى حاضرا، ففي كل زاوية عمل يحكي عنه، وفي كل ركن حكاية للوليد الذي انتقل إلى وجه ربه الكريم.
اللهم اغفر له وثبته وارحمه كما رحم كل سائل ومحتاج وكان خير أخ في الملمات.. .وخير الرجال كأبيه.