أصعب اللحظات تلك حين يمسك أي شخص قلمه محاولا أن يكتب عن وداع صديق رحل عن الدنيا ولن يعود أبدا، لحظات يختلط فيها الحبر بالدموع، والألم يعتصر كل ذرة إحساس، والمرارة تختلط بجنبات القلب، والوحشة تسكن الصدر.
حاولت وحاولت أن أكتب رثاء في صديقي وأخي الذي لم تلده أمي المرحوم عبدالله صلاح اللهو الذي رحل عن دنيانا باكرا، رحل جسده وبقي ذكره الطيب الذي سأظل أذكره وأتذكره وأستذكره ما بقيت حيا، أكتب مقالي هذا وشريط الذكريات التي جمعتني به، أثناء فترة علاجي في الولايات المتحدة الأميركية، حيث قضيت معه 6 أشهر كاملة لا يفارقني ولا أفارقه وكان يعاملني كأحد أفراد أسرته بل بلغت به الطيبة أنه كان يعاملني كأحد فلذات كبده، كل الصفات التي نفتقدها في كثير من البشر كانت به فقد كان شهما كريما عطوفا خلوقا لا ينطق إلا بأكثر الكلمات تأدبا مع الصغير والكبير، خدوما راقيا إلى درجة أنك تحس معه أنك تتعامل مع بشر بأخلاق ملاك.
أخي الغالي الراحل باكرا عبدالله إن المئات الذين حضروا جنازتك والمئات الذين توافدوا لمواساتنا برحيلك في المنزل والإخوة أصدقاء الدراسة من إخواننا الخليجيين الذين حضروا من بلدانهم ليقدموا واجب العزاء برحيلك الباكر جدا وغير المتوقع، كل ذلك يدل على رصيد محبتك التي زرعتها في قلوب جميع من عرفوك.
أخي عبدالله لم أكن أعلم أنك تكن لي كل تلك المحبة والتي لم أكن أعلم أن محبتك لي كانت بحجم مساحات قلبك الكبير إذا إنني فوجئت بجمع من الأصدقاء المعزين يسألون عني في العزاء وعندما كنت أذهب لهم لأجلس معهم لأعرف سر سؤالهم عني تحديدا كانوا يقولون لي: «ان المرحوم كان دائم الحديث عنك ودائم الثناء عليك»، يا الهي كم هيجوا مشاعري التي كنت أحاول كتمانها خلال وقوفي بعزائك ولكن دموعي غالبتني وغلبتني فانهمرت حزنا عليك وعلي أنا الذي فقدت أعز وأقرب وأكرم أصدقائي وأوفاهم.
أخي العزيز عبدالله الراحل باكرا دون مقدمات، أؤمن تماما بأن قرار الرحيل لم يكن بيدك، إنما هو أمر من رب البيت الكريم سبحانه جل شأنه فهو القائل سبحانه في كتابه العزيز (كل نفس ذائقة الموت) وهو القائل جل شأنه (أيها تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة)، أؤمن بقضاء الله وقدره وأؤمن بأن الموت لا يعرف عزيزا أو صديقا ولا صغيرا أو كبيرا، وأؤمن بأن هذه هي سنة الحياة وقدرنا جميعا فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
أخي عبدالله سأشتاق اليك كثيرا وبإذن الله سأراك وأحضنك وأقبلك في جنات النعيم إن شاء الله.
للأسف بعض ممن لا يعرفونك من ضعاف النفوس نسجوا حول حادثة وفاتك الإشاعات والخزعبلات لكنك الآن يا أخي بين يدي رب العالمين فهو القادر سبحانه على أن يأخذ حقك منهم ويعاقبهم بما يستحقون.
موتك كان صدمة موجعة لجميع محبيك لكننا آمنا بمن جعل موت البشر مسنونا، ولا أطلب منك سوى أن تسامحني يا حبيبي لأن الموت لم يمهلني لأرد لك شيئا من الكثير من الجميل الذي عملته معي ولك مني عهد ووعد بأنني طال بي العمر أو قصر سأظل أدعو لك بالرحمة والمغفرة وأعدك بأن مكانك سيظل بقلبي فسيبقى كما هو وذكراك ستبقى حية عصية على النسيان.
أخي وصديقي وحبيبي الراحل باكرا عبدالله، أسأل العلي القدير الكريم أن يسكنك فسيح جناته ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة وأن يجمعني بك يوم القيامة في مستقر رحمته.