ابتهاج محمد، لاعبة المنتخب الأميركي للمبارزة، أول أميركية مسلمة تخوض منافسات الأولمبياد بالحجاب، في اليوم نفسه الذي تحرز فيه ميدالية أولمبية، يُقتل مسلم يعمل إماما لمسجد ومرافقه في نيويورك، وقبلها بيوم يقتل أميركي من أصول أفريقية على يد الشرطة في مدينة ميلووكي.. يحدث ذلك على الرغم من أن المجتمع الأميركي يرفع راية المساواة وحقوق الإنسان، ويدعي الوصول إلى مستويات متطورة من الديموقراطية، إلا أنه في الواقع يدوسها تحت أقدامه، فعلى الرغم مما يظهر على السطح أمام العالم من تحضُّره، فإنه من الداخل يعاني عنصرية شديدة، تمارس بوضوح بين جنباته ضد أصحاب البشرة السمراء، فهم مواطنون من الدرجة الثانية وجنس أقل في الدرجة من أصحاب البشرة البيضاء، ومازالت تمارس ضدهم العديد من أشكال العنصرية سواء في فرص العمل والتعليم وغيرهما.
وليس أدل على ذلك من الأحداث التي شهدتها الفترة الأخيرة في أكثر من ولاية أميركية، كما حدث في ولاية منيسوتا، إثر مقتل أحد السود على يد الشرطة الأميركية، وما تبعه من مقتل خمسة من الضباط، وعنف مورس تجاه السود، وهو ما يظهر مدى الازدواجية التي تتعامل بها تلك الدولة، التي كثيرا ما تشدَّقت بمبادئ الديموقراطية، وأقامت أو ساهمت في إشعال فتيل الحروب، بزعم حماية حقوق الإنسان.
فقط، أنقل تلك السطور من بعض الإحصائيات عن المجتمع الأميركي: عدد العاطلين السود عن العمل بأميركا ضعف عدد العاطلين البيض، وحتى السود الذين يعملون يتقاضون مرتبات وأجورا أقل مما يتقاضاه البيض بنسبة 20%.
ومن بين كل عشرة سود تجاوزوا سن الثلاثين، يوجد واحد منهم في السجن، كما أن العقوبات القضائية التي تصدرها المحاكم الأميركية تغلظ ضد السود بنسبة 20%، مقارنة بالأحكام نفسها التي تصدر ضد البيض على التهم نفسها.
وهناك أكثر من 30 ولاية أميركية تحرّم ما يسمى الزواج المختلط وتعتبره غير قانوني.
وعلى العكس، نجد المجتمع «الإسلامي»، الملتزم حقا بتعاليم الإسلام، تذوب فيه الفوارق والعصبيات (بغض النظر عن بعض النَفس العنصري الذي يظهر في بعض المجتمعات)، فعمر بن الخطاب عربي، وسلمان فارسي، وبلال بن رباح حبشي، وصهيب رومي، وطارق بن زياد أمازيغي، ومحمد الفاتح تركي، وصلاح الدين الأيوبي كردي، ومحمد إقبال هندي، وابن سينا الذي سماه الغربيون أمير الأطباء و«أبوالطب» الحديث في العصور الوسطى من بخارى، وهي مدينة في أوزبكستان، والفارابي من فاراب بتركستان، والرازي صاحب كتاب «الحاوي في الطب»، الذي ظل المرجع الطبي الرئيسي في أوروبا لمدة 400 عام، فارسي. وإمام النحاة سيبويه ولد في قرية البيضاء ببلاد فارس.
والبخاري من بخارى، والإمام مسلم من مدينة نيسابور بإيران.. وغيرهم الكثير.
إن الإسلام وحده قادر على أن يؤلف بين المسلمين، وهو وحده الذي يجعل منهم أمة واحدة، فكل الفوارق - من لون أو جنس أو نسب - تسقط، وجميع العصبيات فيما بينهم تختفي، ولا يظهر إلا تلك الوحدة التي تشكل «دائرة» تضم أي خليط ينتسب إليها، فينصهر فيها ويصبح عضوا من أعضائها لا فرق بينه وبين آخر، ولا يتأخر أحد من هذه الدائرة أو يتقدم إلا بقدر طاعته لله وتقواه.. «إن أكرمكم عند الله أتقاكم».
الإسلام عامل وحدة، ويتهمنا الغرب بأنه عامل تفرقة يحض على العنصرية والإرهاب، وليس العيب في الإسلام، لكن فينا نحن، حيث جعلناه عامل تفرقة، بانتمائنا إليه شكلا فقط ولم نطبق مبادئه، فلم يجد الغرب من الإسلام إلا تلك التصرفات الظاهرة منا البعيدة عن روح الإسلام، فأخذوا يصمونه بما ليس فيه.
ولسنا ببعيد عن تصريح الرئيس الفرنسي، في أعقاب حادثة مدينة نيس، حينما لصق تهمة الإرهاب بالإسلام بقوله: إن فرنسا كلها تقع تحت تهديد الإرهاب الإسلامي.
همسة أخيرة:
- يقولون في الأمثال: «من كان بيته من زجاج فلا يرم الناس بالحجارة».
- التماثيل تقام غالبا للأموات، ولذلك فـ «تمثال الحرية» موجود في أميركا.
[email protected]