في البداية أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفي صاحب السمو أميرنا الغالي الشيخ صباح الأحمد وأن يلبسه ثوب الصحة والعافية.
استيقظت الكويت على حادثة لم يعهدها المجتمع الكويتي ولم يدون مثلها في التاريخ وهو طعن الديموقراطية الكويتية، تحت قبة عبدالله السالم، وفي لحظات قصيرة عندما انقلبت القاعة إلى حلبة مصارعة على مرأى ومسمع الجميع... طعنت الديموقراطية، وكادت أن تُقتل وتُكفن بكفن التعصب وعدم احترام واحتواء الآخر، وسطر التاريخ باستحياء وقلب مفطور هذه الحادثة بحروف مجروحة وعبارات مذبوحة، وتدخل صاحب القلب الكبير سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه لرأب الصدع ولم الشمل البرلماني، ونجحت المبادرة الأبوية السامية في تصفية النفوس وتقريب القلوب.
وتحضرني في هذه اللحظة قصة جميلة، حيث كان هناك رجل حكيم أعطى ابنه المدلل كيسا مليئا بالمسامير وأمره أن يدق مسمارا واحدا في سور الحديقة في كل مرة يفقد فيها أعصابه أو يختلف مع أي شخص، تعلم الولد كيف يتحكم في نفسه فصار عدد المسامير الذي يدق يوميا ينخفض، وفي يوم ذهب ليخبر والده أنه لم يعد بحاجة إلى أن يدق أي مسمار. قال والده: الآن قم بخلع مسمار واحد عن كل يوم يمر بك دون أن تفقد أعصابك ومرت عدة أيام وتمكن الولد من خلع كل المسامير من السور.
فقال له والده الحكيم: «بني قد أحسنت التصرف ولكني انظر إلى هذه الثقوب التي تركتها في السور لن تعود أبدا كما كانت».
«فعندما يحدث بينك وبين الآخرين مشادة أو اختلاف وتخرج منك بعض الكلمات السيئة فأنت تتركهم بجرح في أعماقهم كتلك الثقوب التي تراها لا يهم كم من المرات قد تأسفت لهم لأن الجرح مازال موجودا، فجرح اللسان أقوى من جرح الأبدان». من كتاب «حكايات ذهبية – د.ماجد رمضان».
والمتتبع للحراك المجتمعي يرى أن من أسباب تدني الخطاب تحت قبة قاعة عبدالله السالم هو الجهل وانتشار الثقافة المتدنية والفكر الأوحد الذي لا يقبل الرأي الآخر والمخالف، إلى جانب أن بعض النواب أساء فهم واستغلال الحصانة البرلمانية، في انتهاك القوانين، والخطير في الموضوع أن هذه الظاهرة انعكست على المجتمع وصارت هي اللغة الدارجة بين أطياف المجتمع وتغلغلت حتى في المعاقل الأكاديمية التي لم تسلم من هذه الآفة.
ويصرح الاستشاري النفسي د.مراون المطوع: أن مجلس الأمة يعتبر مصدرا للأمراض النفسية التي يعاني منها بعض المواطنين والمقيمين، فهم يعانون الاكتئاب والقلق والعصبية الزائدة والتي نتج عنها الاعتداء بالضرب على المدرسين والأطباء، ولا ننس نقطة مهمة تتمثل في حرب الشوارع وقيادة السيارات بسرعة رهيبة وهو نوع من المرض يطلق عليه مصطلح السلوك الانتحاري ويظهر من خلال القيادة الجنونية والتي تنجم عنها حوادث السيارات انتهى كلامه.
فلذلك لابد من وجود لجنة قيم برلمانية لضبط لغة الحوار في الجلسات البرلمانية والتحقيق الفوري مع أي نائب ينتهك القانون في أي مكان، ولابد من تسييد القانون وتطبيقه على المتنفذين قبل المواطنين، والارتقاء بالإعلام لأن به ترتقي الشعوب أو تهوي إلى الانحطاط والفتنة.
فجرح اللسان أقوى من جرح الأبدان.
[email protected]