المزعجون كثر في هذه الحياة فلا تخلو أسرة ولا مكان عمل ولا جماعة ما من شخص مزعج يحقر من شأن الآخرين ويقتات على تقديرهم لذواتهم ومعاناتهم النفسية وتعاستهم.
وحتى تتمكن أيها الإنسان من إيقاف سلسلة إيذاء المزعجين لك ولتضع نهاية للهجمات الشرسة الموجهة صوبك دون اللجوء إلى الأساليب الهابطة في منعهم من جرح مشاعرك، عليك بتفقد مناعتك النفسية والاستمرار في ترميمها وتحديثها وبهذا تضمن سلامة عقلك وراحة بالك ورباطة جأشك عند التعامل مع الأشخاص ذوي المراس الصعب.
ولو تفحصنا مفهوم المناعة النفسية وأهميتها لوجدناها باعتقادي هي قدرة الإنسان على مقاومة الأفكار والمشاعر السلبية الناتجة عن المشاكل وضغوطات الحياة وقدرته على إدارة الأزمات ومواجهة المتنمرين عاطفيا.
ومن مفهوم المناعة النفسية ننطلق إلى أهميتها في حياتنا، بيد أن صروف الحياة وأزماتها الكثيرة قد تصيب النفس البشرية بالضعف والوهن في بعض محطات الحياة وبما أن معظم الدراسات أكدت أن العلاقة بين الصحة النفسية والصحة الجسدية علاقة وثيقة لاسيما أنه كلما قويت المناعة النفسية للجسم قل حدوث الأمراض النفسية وكلما قلت الأمراض النفسية قلت الأمراض العضوية، وتبرز أهمية المناعة النفسية في التعامل مع أشخاص سيئي الطباع وخاصة عندما يكونون أشخاصا في حياتنا لا نملك معهم خيار القطع في العلاقة كشريك الحياة أو أحد الأقارب أو يكون الاحتكاك والالتزام معهم يوميا ومستمرا كرئيس أو زميل في العمل، فهؤلاء نحتاج معهم لياقة نفسية عالية، لاسيما أنهم يؤثرون على قراراتنا وجودة انتاجنا وعطائنا وهدوئنا العصبي والنفسي، ويكفي المناعة النفسية أهمية أنها تمنحنا جوا من الاستقرار وتمدنا بجرعة قوية ومكثفة من السلام الداخلي بين الإنسان ونفسه.
ولتنمية المناعة النفسية لا بد أن نهتم بأربعة جوانب، الجانب الأول هو الجانب الروحي وعلى رأس الهرم توطيد العلاقة بين العبد وخالقه وتزكية النفس بالتقوى والالتزام بالطاعات والأذكار والعبادات وأهم نقطة في هذا الجانب هي الدعاء وحسن الظن بالله، فاستقرار العلاقة بين العبد وربه يؤدي إلى مناعة نفسية فولاذية.
وثانيا، الجانب العقلي والسلوكي أي إحسان الظن بالآخرين والانشغال بمشاعرنا لا بسلوك الآخرين بحيث أفسر المواقف بشكل ايجابي مما يترتب على ذلك مشاعر ناضجة وردود أفعال ايجابية، كذلك تطابق ما يؤمن به الإنسان من مبادئ وقيم مع ما يطبقه من سلوكيات وأفعال وبالنهاية يترتب على هذا التطابق مناعة نفسية عالية.
والثالث هو الجانب النفسي أي السلام النفسي والتصالح مع الذات وتعلم المهارات النفسية والحياتية المختلفة وتجنب مسببات التوتر مع منح النفس فترات من الاسترخاء ومن الأمور التي تعين على السلام النفسي هو الاتصال بالأشخاص الإيجابيين وأن نؤمن بأن ذواتنا مفصولة تماما عن ذوات الآخرين وأني مسؤولة عن كل تصرفاتي جملة وتفصيلا.
والجانب الأخير هو الجانب الجسدي فالإنسان كل متكامل وهذا الجانب يدعونا إلى الاهتمام بصحتنا وذلك بتناول الغذاء المفيد وبكميات مناسبة ويؤكد على مزاولة الرياضة ودورها الكبير في صحة أجسادنا وسلامتها ويدندن حول النوم ليلا وجودته وعدد ساعاته ومدى تأثيره على صحتنا الجسدية ومناعتنا النفسية.
ختاما، سلامتنا النفسية تنسج خيوطها من لطف العبارة وجمال الابتسامة ولين الكلام وسلامة النية ونقاء القلب والتغافل عن الزلات واحترام بعضنا البعض.
ebtisam_aloun@