وسط هذا التدفق الثقافي باتت العناية بوسائل اكتساب المعلومة والمعرفة وتطوير الاستفادة منها أمرا ضروريا، وتعد حاسة السمع من أهم منافذ المعرفة، حيث يقضي الإنسان 45% من ساعات يقظته في الاستماع، فالاذن بوابة رئيسية للثقافة الشفوية، وتبقى العين مهمة إلى جانب الأذن في التعلم والمعرفة أمام هذا الزخم من الثقافة المرئية.
ولتحسين جودة الاستماع والإنصات يمكننا تشرب بعض المفاهيم والمبادئ التي تعيننا على الاستفادة مما نسمع وإثراء مخزوننا الثقافي، فالاستماع إلى المتحدث بإيجابية وتهيئة عقلية وتركيز تام أدعى إلى الإلمام بالموضوع والاستمتاع بعملية الانصات.
واللسان الثرثار والأذن الصماء هذا حال كثير من الناس مع العلم أن الله خلق لنا لسانا واحدا وأذنين اثنتين حتى نسمع ضعف ما نتكلم، إلا أن شهية معظم الأشخاص للكلام عالية لا تقاوم، إن قدرة الإنسان على الاستماع أكثر من التكلم تكسوه ثوب الحكمة والهيبة والنضج، حيث تعد هذه القدرة من أهم مفاهيم تجميل جودة الاستماع.
والمنصت يستفيد من الكلام الممل وهذا السيل من اللغو باستنباط أفكار مبدعة إلى جانب التعرف على القيم الاجتماعية السائدة واستخلاص المغزى منها وإدراك أفهام الناس المختلفة.
لا تقل حاسة البصر أهمية عن حاسة السمع، فالعين معبر للكلمات ومنظم جيد للتفاعلات الداخلية بين المرسل والمستقبل، فلغة الجسد للمتكلم كفيلة بتوصيل الفكرة والرسالة المعنية أكثر من الدلالات المباشرة للكلام.
علاوة على ذلك نحن نحتاج إلى عقول متفتحة ناضجة قادرة على التفسير الموضوعي أمام الكلمات المشبعة بالمشاعر والتدفق الروحي حتى لا نتوه مع المتكلم في دهاليز المبالغة والاستفزاز والخارج عن المألوف أو المخالف للأصول، وهذا لا يعني ألا نتفهم وجهة نظر المتحدث وان كان يخالفنا في التوجه أو المعتقد فإن أغلب ما نسمعه يظل رأيا من الآراء.
وهناك الكثير من المفاهيم والمبادئ لا يسع المقام لذكرها كفيلة بتحويل اللسان الثرثار والأذن الصماء إلى لسان صامت وأذن منصتة.
ebtisam_aloun@