أزف شهر البركات والمسرات على الرحيل بعد أن سربلنا برداء الغبطة والسرور واغشانا بنفحات إيمانية مباركة وعمت البهجة البلاد والعباد فرحا بعيد الأضحى المبارك، واكتظت المجمعات والمنتجعات والأماكن السياحية بروادها من أهل الكويت والزائرين من أهل الخليج والدول المجاورة.
وفي وسط هذه الأجواء الإيمانية السعيدة أبت بعض النفوس إلا أن تكدر صفو العيد بمعادلة خطيرة اجتاحت المجتمع الكويتي في الآونة الأخيرة، وهي «خزة.. ففزعة.. فطعنة» معادلة عنف وموجة مشاجرات تافهة تبدأ عادة بـ «ليش تخزني» أو بسبب موقف سيارة أو التحرش بفتيات، أو التشاجر على أولوية المرور وتنتهي بشلال دماء وإزهاق أرواح بريئة أو إصابات.
يجمع الكثيرون على أن استشراء العنف في المجتمع خصوصا بين الأحداث في الأماكن الترفيهية ومراكز التسوق والمنتجعات السياحية يؤثر حتما على السياحة والأمن والأمان وينذر بمزيد من الجرائم وضحايا العنف.
فقد أكدت مصادر أمنية مطلعة للزميلة «القبس» أن ألف مشاجرة سجلت في مخافر البلاد منذ بداية العام الحالي 2014 وحتى 20 مايو الجاري، أي بواقع 7 مشاجرات في اليوم الواحد، وأوضحت المصادر أن استخدام الآلات الحادة والأسلحة النارية في المشاجرات يعتبر غريبا ودخيلا على عادات وتقاليد المجتمع الكويتي وينذر بخطر، ويكاد يتحول إلى ظاهرة يصعب التعامل معها والأمر يتطلب تحركا فوريا من مختلف مؤسسات المجتمع المدني قبل أن تتفاقم هذه المشكلة. انتهى كلامه.
وبغض النظر عن الأسباب والمسببات، سأحصر العلاج في ثلاثة حلول حيث الأمر يتطلب تضافر جهود ووقفة جادة ونظرة فاحصة لمثل هذه الظاهرة الدخيلة والخطيرة.
العلاج الأول مطلوب من الأسرة ووزارة التربية ووزارة الإعلام للقيام بدورهم على الوجه المطلوب من تربية ورعاية واحتواء وغرس الثقة بالنفس ورفع منسوب تقدير الذات وتعزيز القيم والمبادئ في نفوس الأبناء ونشر الثقافة وحب العلم وتفعيل دور الرقابة الأسرية والمدرسية وفتح قنوات الحوار بين الأبناء وأولياء الأمور وبين الطلاب والمربين.
وللإعلام دور رئيسي في الحد من ظاهرة العنف بتشديد الرقابة على كل ما يذاع ويبث من برامج ومسلسلات وأفلام ومخافة الله في هذا النشء في كل ما ينشر من كتب وثقافة ومعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وسن العقوبات الصارمة لكل من تسول له نفسه تدمير الأخلاق وإفساد الشباب.
وعلى وزارة الداخلية العبء الأكبر في حفظ الأمن والحد من انتشار ظاهرة العنف فدورها يتمثل في وضع العقوبات المغلظة وتطبيق القوانين واللوائح بشكل حازم وصارم والجدية في محاربة الواسطات والتراخي والإهمال ومكافحة بؤر الفساد والإجرام.
من ناحية أخرى يتجسد الحل الثالث في الوجود الأمني في كل المجمعات التجارية والمرافق السياحية وقيام وزارة الداخلية بإلزام أصحاب المجمعات والمنتجعات باقتناء ووضع منظومة أمنية متكاملة في الأماكن السابق ذكرها حفاظا على سلامة الرواد.
وعلى الحكومة الدور الأكبر في مكافحة ظاهرة الجرائم وانتشار العنف وذلك باستثمار الطاقات الشبابية وإنزال توصيات مؤتمرات الشباب على أرض الواقع بدلا من أن تكون حبيسة الأدراج، وحل قضية البدون حلا جذريا تلك القنبلة المؤقتة وخاصة بعد أن أثبتت الإحصاءات والمصادر الأمنية أن من أبرز أسباب الجرائم هو الفراغ الذي يعاني منه أبناء فئة غير محددي الجنسية بسبب عدم حصولهم على وظائف مناسبة وحاجتهم الماسة إلى متطلبات الحياة الرئيسية التي لا تتوافر لهم.
ebtisam_aloun@