صناعة إنسان عربي مخضرم إعلاميا وخلق رأي عام ناضج يعتبر ضربا من الخيال في ظل نهج خنق الأصوات وكسر الأقلام ومصادرة الحريات، فقد بات حلما خلقُ إعلاميّ يحمل هم الأمة ويتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بكل وعي وشفافية.
هناك سؤال تتداوله الأذهان وتلوكه الألسن وهو هل يمكن صناعة إنسان في ظل إعلام مضلل وعقول متحجرة وأنظمة بائدة؟
بديهي أن الأنظمة القمعية وأصحاب مقولة «الله لا يغير علينا» يسعون جاهدين في طمس معالم التغيير ووأد بوادر التجديد، وعلى الرغم من أن الإنسان يكتنفه زخم من الفضول إلا أنه في الحقيقة دائما يخشى المجهول، ومن الطبيعي أن «الإنسان عدو ما يجهل»، لكن هذه الحقيقة لا تعطينا الحق في الجمود والعيش في أحضان القديم، فنحن أمام غزو معلوماتي عارم وثورة تكنولوجية رهيبة، وإعلام ووسائل اتصال حديثة تعتبر هي الموجه الرئيسي والسلطة المؤثرة على القيم والمعتقدات والممارسات في مختلف جوانب الحياة.
وبفضل تطور تكنولوجيا الإعلام، باتت وسائل الإعلام تغزو الفضائيات العالمية بمعطيات إعلامية أكبر حجما وأكثر اتساعا من مجرد نقل الخبر بل تجاوز دور الإعلام إلى حدود التعليق والتفسير والتحليل، وصنع الإنسان المراد عولمته، إلى جانب أن هناك علاقة متداخلة بين المنظومة الإعلامية ومنظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية، علاوة على ذلك فإن وسائل الإعلام هي الوسائل الناقلة للقيم والمعرفة وأنماط التفكير، وبالتالي هي تشارك في إيجاد جانب كبير من الثقافة الاجتماعية.
ويرى علماء الاتصال والمجتمع أن لوسائل الإعلام وظيفة أخرى وهي التنشئة الاجتماعية أي تعليم الأفراد الجدد القيم والمعتقدات والمهارات، ويضيف ولبورشرام أن الإعلام يمثل سلطة رقابية وتنموية وتوجيهية للمجتمع.
الخلاصة أن الحاضر والمستقبل سيكونان تحت سيطرة السلطة الخامسة المتمثلة في مختلف المواقع الإعلامية المنتشرة عبر الشبكة العنكبوتية، وقد تحول ميزان القوة من حراس البوابة في الإعلام التقليدي بوسائله القديمة إلى حراس جدد وهي السلطة الخامسة .
فنتيجة لكل ما ورد فإن الثورة الإعلامية تطرح على الحكومات العربية تحديا كبيرا وهو تحدي تطوير اعلامها وتخليصه من اللغة المتخشبة وإكسابه المزيد من الشفافية والمصداقية وخاصة في وجود البدائل إلى جانب تبني مشروع التربية الإعلامية وإدخاله ضمن المناهج التربوية الوطنية خاصة أنه جزء من الحقوق الأساسية لكل مواطن، والمقصود بالتربية الإعلامية هو «مهارة التعامل مع الإعلام»، والهدف منها تربية أفراد قادرين على التعامل مع الإعلام، فهما.. واختيارا.. واستهلاكا.
وإلا ستجد الحكومات العربية نفسها معزولة إعلاميا وهدفا للفتن وزعزعة الاستقرار.
twitter:@ebtisam_aloun