التوازن صمام أمان لحياة تتأرجح بين الفرح والحزن، والراحة والتعب، والنجاح والفشل، و الوصل والهجر، والصحة والمرض والنشاط والكسل.
بل يعد التوازن حجر زاوية في كل جانب من جوانب الحياة، وحاجة أساسية في العبادات والعلاقات واتخاذ القرارات والتعاملات وتحقيق الأهداف وفي كل نشاط ينشط به الإنسان.
والتوازن يعني التوسط والاعتدال، فكل الأكدار والتشوهات في الحياة هي نتاج التطرف وتغليب جانب على جانب آخر، وهنا نحن لا نطالب بالمثالية بل ننادي بأمر متاح للجميع فنقطة توازنك تختلف عن نقطة توازني باختلاف الظروف والقدرات والأفكار والأخلاقيات ومساحة الإيجابية والسلبية لدى كل إنسان، فكل شخص عنده نقطة توازن خاصة به يسعى إليها باستمرار وكلما وصل تطلع إلى أفق أوسع وأفضل في التوازن، فلذلك يتطلب التوازن حركة مستمرة وبحث إيجابي متواصل.
والحقيقة أن جسم الإنسان وحركته شاهد من شواهد التوازن في هذا الكون، وكذلك السنن الكونية تعتبر مؤشرات على توازن رباني في هذا الوجود، والشريعة حافلة بالتوازن لتحقيق التوازن الفردي والجماعي بل يعتبر القرآن من أعظم الكتب السماوية في الاعتدال والوسطية والسيرة النبوية تعد منظومة متكاملة في التوازن، وقد استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينزل التوازن على أرض الواقع ويجعله منهج حياة وسلوك مشاهد وملموس، فهو قدوتنا ومعيارنا المتكامل في التوازن.
ويتحقق التوازن في مقولة الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه "إن لربك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه".
وقد وافقه الرسول صلى الله عليه وسلم على مقولته.
فلذلك نحن نحتاج إلى الموازنة بين الدنيا والآخرة، لا بأس أن نمضي في مد الجسور إلى الجنة والتسابق إلى الخيرات لكن دون أن ننسى نصيبنا من الدنيا، وإعطاء كل ذي حق حقه.
والتوازن يتحقق في ترتيب الأولويات والمهام وتقديم الأهم على المهم، وكذلك معرفتنا بحقوقنا وواجباتنا ووضوح أهدافنا كل ذلك يعيننا على بلوغ نقطة التوازن.
ومن الناحيتين التربوية والنفسية احدث تسارع الحياة والاستغراق في الماديات خللا في التوازن العاطفي لدى كثير من الناس، فنجد إما إفراطا في العواطف وإما حجبا للعواطف، وهنا نجد مقولة علي رضي الله عنه خير علاج لهذا الخلل حين يقول: «أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما» وهنا يبرز دور الذكاء العاطفي أي وعي الإنسان بذاته ومعرفته التامة بعواطفه وعواطف الآخرين والقدرة على التعامل مع نفسه أولا ومع الآخرين بشكل سليم والتعبير عن انفعالاته بما يتناسب مع الموقف والحالة التي يتواجد فيها، وكذلك الرضا عن النفس والآخرين والتماس العذر لهم وإحسان الظن بهم والصبر عليهم والتعامل مع الناس بإيجابية وتفاؤل وصحة نفسية عالية، وكل ما سبق ذكره مدعاة لتحقيق التوازن.
ebtisam_aloun@