شاعت بين الناس في السنوات الأخيرة ظاهرة التهادي في كل حدث ومناسبة وعلى كل حركة وسكنة..
زواج هدية.. ولادة هدية.. سفر هدية.. مرض هدية.. سيارة جديدة هدية.. بيت جديد هدية.. وهلم جرا.
وعلى الرغم من أن الهدية تحمل معاني جميلة من المودة والاهتمام والأثر البالغ في شيوع الحب ورأب الصدع وتقارب القلوب وصفاء النفوس، إلا أنها في زمننا هذا باتت تشكل عبئا ثقيلا على كاهلنا، فلم يعد المهدى إليه ينظر إلى رمزية الهدية ومناسبتها وقدر الشخص مقدم الهدية، بل صار جل اهتمامه سعر الهدية وقيمتها المادية وحتى عنصر المفاجأة والفرحة بالهدية غيبتها المادة والاستغراق في قيمة الهدية.
وأنا أرى أن للعولمة دورا كبيرا في تسليع المشاعر وتهميش القيم وتسليط الضوء على المادة، حيث أضحت المادة هي الشغل الشاغل للإنسان، فلذلك أتعبتنا الهدايا ولم تعد بالأمر السهل والجميل كما في السابق، بل صارت تشكل ضغطا نفسيا وعبئا ماديا إلى جانب أنها هدر للوقت والجهد في سبيل البحث عن الهدية الغالية والماركات العالمية لإرضاء الطرف الآخر الذي أصبح معياره في الاهتمام والتقدير هو سعر الهدية.
وهناك صنف من الناس يتبع الموضة والدارج بمعنى «مع الخيل ياشقرا» في تقديم الهدايا، وهذا ما نلاحظه حاليا في مجتمعنا الكويتي حيث المبالغة في تقديم الورود والشوكولاته الباهظة الثمن وهدايا أخرى لا يحتاجها المعني بالهدية، مجرد برستيج وتقليد أعمى، وهنا أؤكد على جمال الورد ولذة الشوكولاته ولا أبخس حقها كهدايا جميلة وتعبير رائع للود والاهتمام، لكن بالسعر المعقول والوقت المناسب وعلى قدر حاجة المهدى له، دون أن نرهق ميزانيتنا ونطوق رقابنا بحقوق وواجبات ما انزل الله بها من سلطان ودون أن ندخل أنفسنا في دائرة الإسراف والتبذير، بل الأسلم هو تقديم تهنئة جميلة، وهدية رمزية أو مبلغ مالي مناسب، مع دعوة صادقة بظهر الغيب له.
وأختم بحاجتنا إلى النهوض بأنفسنا ومجتمعاتنا، وذلك بتغيير كل ما هو معوج ومشوه ودخيل على ديننا وعاداتنا وقيمنا، والدائرة تبدأ من أنفسنا.
ebtisam_aloun@