جميل أن نبدأ بأنفسنا، فالنفس هي محور الارتكاز في التطوير والتعليم والارتقاء، قال تعالى: (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)، فالشغل الشاغل في حياتنا هو تزكية النفس والغاية الأسمى من وجودنا هي عبادة الله وعمارة الأرض، وهذه المهمة العظيمة تقتضي البحث والتعلم والتطوير المستمر، فكل موقف وتجربة جديدة تضيف لنا إضافة جميلة ومفيدة في حياتنا، حتى الخبرات المؤلمة نتعلم منها ولا نتألم، وإن تألمنا لا نستغرق في ذلك الألم، فالمؤمن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر، وتربيتنا لأنفسنا وعنايتنا بها على الصعيد الروحي والنفسي والذهني، لا تعني أننا سيئون أو أن هناك خللا في تربية والدينا لنا، بل إن النفس السوية والتواقة يكون حس المسؤولية عاليا لديها تجاه نفسها والآخرين، فهي لا ترتضي الدنو ولا الوقوف عند حد معين، إنما تتطلع دائما إلى العلا في كل جانب من جوانب الحياة.
والنفس التواقة همتها عالية وطموحها عريضة ديدنها في الحياة تطوير نفسها وصولا بها إلى الكمال البشري والسمو الأخلاقي، وذلك بالتعرف على مواطن الضعف والقوة فيها والتقييم الدائم لسلبياتها وإيجابياتها، فالإيجابيات تصعد وترتقي بها في سلم التمييز إلى إيجابيات فريدة من نوعها، والسلبيات تتقبلها وتضع لها مشروع علاج فتتدرج بها من السلبية إلى الإيجابية الخفيفة ومن ثم الإيجابية الرفيعة، علاوة على ذلك تفتخر وتعتز النفس التواقة دائما بإنجازاتها وعطائها، وكذلك تضع في الحسبان سعيها المستمر في تقديم أفضل ما لديها من إنجازات وإبداعات، ومن سمات النفس التواقة أنها تتعالى على الصعاب والتحديات وتعتبرها محطات لاكتساب مهارات جديدة ومحكات حقيقة لصقل الشخصية وتطوير الذات، دون أن تتناسى إنسانيتها وأن قيمتها كإنسان تتجسد في إنتاجيتها وعطائها والارتقاء في مجتمعها والعالم من حولها.
تذكر عزيزي القارئ أن الانتصار العظيم والدائم هو انتصارنا على أنفسنا، فلذلك الطريق وعر والمهمة صعبة والقمة عالية لكنها تستحق المحاولة.
ebtisam_aloun