في الأسابيع الماضية القليلة احتفل العالم بعيد الأم حيث نشطت الأسواق ووسائل التواصل الاجتماعي في الاعلانات والعروض سواء محلات الورد أو المجوهرات أو الحلويات أو حتى الأجهزة الكهربائية والذكية، ونشط الأبناء بمشاركة الآباء أو بدونهم في تسطير عبارات الحب والوفاء للأم في عيدها ذلك الركن المتين والجبل الشامخ والحضن الدافئ والنهر الجاري من العطاء.
لن أتحدث عن هذا اليوم من الناحية الشرعية لأنني لست من أهل الاختصاص وليس هذا المقام المناسب للحديث عن ذلك، ولن أسترسل في الحديث عن مكانة الأم وتكريمها في الشرائع السماوية عامة وفي الإسلام خاصة، لأنني حتما سأكتب بذلك مجلدات وأملأ بمكانتها وعظمتها الجدران.
لكنني سأكتب اليوم عن الأم تلك الإنسانة الرقيقة، والجندي المجهول في حياتنا، وصمام الأمان ونبع الاحتواء، حقيقة هل سألنا أنفسنا ما حاجة الأم من هذا اليوم اليتيم؟ والذي يسبقه ويعقبه فتور في المشاعر وتجلط في العواطف، وتواصل مفقود، وحوار مقطوع وعقوق بات مألوفا، إلا من رحم ربي.
لنتحدث بواقعية وشيء من الجدية هل من العدل والإحسان أن نختزل حبنا ووفاءنا لأمهاتنا في باقة ورد أو حقيبة ماركة أو طقم ذهب في يوم واحد وننساها طوال العام بحجة كثرة المشاغل وزحمة الحياة؟
الأم يا سادة يا كرام عيدها في صلاح أبنائها واحترامهم لها، الأم عيدها في التزام أبنائها بالقوانين وتفوقهم في دراستهم إن كانوا طلاب وتفانيهم في وظائفهم إن كانوا موظفين، وهذه هي الترجمة الحقيقية للمواطنة الصالحة، الأم عيدها في حسن خلق أبنائها وسمعتهم الطيبة بين الناس وترابطهم مع بعضهم البعض كالبنيان المرصوص، الأم عيدها في حفاظ ابنائها على صلة الرحم واغاثة الملهوف ورعايتهم لها عند الكبر، الأم عيدها في محافظة الأبناء على صحتهم وعلى أجسادهم من التدخين والمسكرات والمخدرات، وحسن اختيارهم للرفقة الصالحة فالصاحب ساحب. وأنا اعتقد أن عيد الأم لن نوفيه حقه في مقال واحد فالحديث عن الأم موضوع يطول شرحه وتجف المحابر في وصفه.
ebtisam_aloun@