جعفر محمد
عندما تتشكل أربع حكومات متتالية في فترة قياسية، وعندما يحل مجلس الأمة خلال ولاية أولى هذه الحكومات لأخطاء تقديرية، وعندما يتخبط البعض في إبداء الآراء غير المجدية ليزيد هوة الخلاف بين الجميع فيعتل المناخ السياسي وتصبح دهاليز الساسة خاوية فلا أحد يقبل بدخول الوزارة ولا أحد يريد المساهمة في بناء كويت التحديات لأسباب يعرفها الجميع وعلى رأسها أن المنصب الوزاري في الكويت أصبح طاردا للكفاءات يقلل من شأن من يتطلع إليه فتتعالى الأصوات في البرلمان والشارع الكويتي، بغوغائية لم يعهدها هذا المجتمع الراقي، مع كل ما سبق نستيقن جميعا أن هناك مشكلة كبيرة تحتاج إلى طرح الحلول الجذرية، وعادة ما تكون الصحافة ملاذا للمسؤولين وكنفا للمراقبين، علهم يجدون في كتّابها ومانشيتاتها تعليلا يريح كاهلهم المثقل بعلامات الاستفهام والتعجب، أو رأيا يجانب الصواب فيها.
ومع ذلك فهم لا يجدون ضالتهم فيها فميدان الصحافة أصبح يعج بتصريحات النواب، فهذا ينادي وذاك يعلن، وتتوالى الافرازات المرحلية بلهجة تصاعدية من قبل الغالبية، فنرى من يطالب بالأحزاب دون النظر في موضوعية هذه الخطوة الكبيرة وآخر يدغدغ مشاعر المواطن البسيط، على حساب الوطن الحبيب، وثالثا يهدد ويتوعد فنرجع لنقطة بداية المشكلة، فتبدأ العجلة بالدوران مرة أخرى وتعلو النبرة بسبب التعديل الوزاري، فتتكون الحكومة ويشار لرئيسها بالضعف بسبب التدوير وما إلى ذلك من ملاحظات نعرف أولها فقط ونجهل آخرها، فتشن بعض الصحف حملات ملؤها الشخصنة ظاهرها الإصلاح وباطنها التمصلح، فتموت التنمية وتتحول أحلام المواطن إلى كابوس مخيف، حتى باتت الأوضاع متداخلة والأمور متشابكة يؤطرها خلاف علني بين الرئيسين، له ما يبرره من الجانبين وإن كانت كفة رئيس مجلس الأمة أرجح وأصوب، فتعود البلاد إلى جادة الصواب ونستبشر خيرا وسرعان ما يخرج قطار التعاون عن سكة المنطق، بالتلويح بأداة الاستجواب، والتعدي على فصل السلطات فهذا يريد وكيلا هنا وذاك لا يريد وكيلا هناك ويعمل إضرابا ويطالب بكوادر بإيعاز من ملوك التأزيم، وقوانين رياضية يفترض فيها التطوير قد وضعت كالعصا في عجلة النهضة التي عشناها إبان الثمانينيات فهل كل ما حدث ينتمي لآلية انتقال السلطة المتجسدة برئيس الحكومة، أم أن سمو الرئيس اكتشف متأخرا أنه إصلاحي في زمن فساد المؤسسة البرلمانية، التي استحوذت على سلطته التنفيذية برضاه، بيد أن النواب استمرأوا الصراخ لأنه لا يكلفهم شيئا، كل هذه التساؤلات تضع الكويت على خارطة الطريق المسدود فمن المسؤول يا ترى؟
كلمة راس
من حكم الإمام علي ( عليه السلام ): إذا كثر الخطاب قل الصواب وإذا ساد اللئام فسد الزمان