جعفر محمد
كرة ثلج، قنبلة موقوتة، قضية إنسانية، مصطلحات ومسميات أطلقها نواب ووزراء على ظاهرة البدون (غير محددي الجنسية) والتي طفت على السطح في منتصف الثمانينيات، وبكل أسف لم تتعامل الكويت قاطبة بكل مؤسساتها مع تلك الظاهرة، حتى حولها الإخوة النواب إلى ورقة سياسية ضاعت بين مصالحهم ومساوماتهم، فضاع الإنسان وأهدرت كرامته وأصبح في أدنى الاهتمامات حتى لجأ بعض أبناء هذه الفئة إلى منظمات دولية وهيئات إنسانية وجهت للكويت أصابع الاتهام بالتقصير في معالجة القضية وحسم أمر هؤلاء، فتبنت الحكومة آنذاك مشروع معالجة أوضاعهم، فظلم من ظلم وحرم من حرم واتهم منهم من اتهم، ومنهم من اثبت براءته من خلال القضاء، ولجنة بعد لجنة حتى كان للنواب المستفيدين من هذه القضية ما أرادوه فيما يتعلق بقانون تجنيس الألفين.
إلى هنا وكرة الثلج قد ذابت والقنبلة الموقوتة بلا صاعق والقضية الإنسانية فارقت الحياة، فانتهجت الدولة نهجا غريبا في تقليعة منح الجنسية لمن أدى أعمالا جليلة وكان المعيار مختلفا في كل مرة، وكلنا عايشنا هذا المعيار الفاشل، وبين هذا وذاك حُرم أبناء الكويت من هذه الفئة من الطبابة والتعليم، فيما تمتع من جاء للكويت ليحلبها بكل المميزات، وكان من اخطر أساليب المنع هو ذاك القرار الذي أصدره وزير يفترض فيه العدل، حين قرر عدم اعتماد عقود زواج هذه الفئة، فأي ظلم بعد هذا يا سادة؟!
إن الايجابيات التي تحسب لأبناء الكويت من هذه الفئة لا تعد ولا تحصى، وأدناها أنهم لم يرتكبوا أي حادثة تضر بسمعة الكويت أو رموزها وأمنها داخليا، كبعض الكويتيين الإرهابيين، ولكن السياسيين والمتعالين من أبناء المجتمع الكويتي اعترضوا وأظهروا سلبيات هذه الفئة بأنهم خربوا الأمن وعاثو في الأرض فسادا، ولهم أقول وهل أبناء الكويت الكويتيون برآء أم انكم لا تقرأون الصفحات الأخيرة والتي تثبت أن الأمن مخترق اجتماعيا، علي يد كل الفئات سكانا ومقيمين، وبعد كل ما سبق نرى البدون مبدعين ناجحين في العمل لدى القطاع الخاص ونهضت على أيديهم مؤسسات مالية ضخمة، فأي ميزان هذا الذي مال للظلم مرات ومرات على حساب أبناء هذه الفئة. أعلم في قرارة نفسي أنني مهما قلت وكتبت، فسيبقى البعض رافعا نفسه عن هذه الفئة ولا يرى أحقيتها في الحصول على الجنسية، وأعلم أن بعض النواب مستفيدون كالوزراء من تداول هذه القضية، بينما في بيوت أبناء هذه الفئة آلام وهموم سترها الله بستره، مما يوجب علينا ويحتم قول الحقيقة، فالبدون من أبناء الكويت رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا، إخواننا في الله والدين والوطن، واجبنا معالجة مشكلتهم بحلول جذرية، كالإقامة الدائمة التي تتيح لهم العيش بكرامة، وإما أن نتحمل أن ينضم لهم ويضايقهم ويضيع حقوقهم كل مدع يريد النيل من سمعة الكويت.
كلمة راس
من أقوال الإمام ( عليه السلام ) : لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه