بلا شك الجميع يعرفون قيمة الفراغ في حياتهم والأثر النفسي عليه، فما بال الاخوة التائبين من آفة المخدرات والذين لا يجدون في حياتهم الا الفراغ القاتل والذي يقضونه من الصباح الى المساء من غير عمل وهذا من خلال عدم السماح لهم بالعمل الا بعد خمس سنوات وقد تكون اكثر حتى يتمكنوا من اخذ رد الاعتبار لهم، والله انها مأساة.
يشكو التائبون من الفراغ ويقولون: ليست المشكلة في الفراغ فقط بل فيما وراءه، الحنين الى المخدر لانه من طول اليوم لا يجدون شيئا يفكرون فيه يحفزهم الى الامام اي الى المستقبل، والتفكير السلبي الذي يملأ اوقاتهم والجلوس في المنزل، ومشاهدة التلفزيون، والنوم بغير اوقاته لا يجرهم الا للهم والغم، والجميع يعرفون أنه لا يقتل الفراغ الا بسكين العمل.
اخي التائب: استغل الفراغ بالعمل الجاد المثمر ولا تقف مكتوف الايدي، وابحث عن العمل كما كنت تبحث عن المخدر، وابحث عن الصحبة الصالحة ومجالستهم لأنها تحيي القلوب، اقرأ، واكتب، واطلع، وانس الماضي، وقل اليوم اليوم لان الماضي لا يرجع، نصيحتي الصلاة ثم الصلاة ثم الصلاة في وقتها لأن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، وصل الرحم، واحسن العلاقة معهم، واصفح، وسامح من اساء اليك، ولا تنتظر من احد يأتيك بالوظيفة وانت جالس في المنزل بل ادع الله العلي القدير وابذل الاسباب بالسعي حيث قال الله تعالى: (ادعوني استجب لكم)، وليس عدم حصولك على وظيفة حكومية نهاية المطاف فإن القطاع الخاص يرحب بك بل قد تجد حوافز اكبر، والعمل تعطيه يعطيك كما ان ابواب العلم مفتوحة وأكثر من ذكر الله، فالله تعالى قال: (فاذكروني اذكركم) و (الا بذكر الله تطمئن القلوب) ولا تدع الشيطان يسيطر على وقتك وتكون صيدا سهلا له ليرجعك الى ما كنت عليه من تعاط للمخدرات والمعاصي، والنفس اذا لم تشغلها بطاعة الله شغلها الشيطان بطاعته، ولا تشغل نفسك بعيوب الآخرين وأصلح نفسك واترك الغيبة وهذب الفاظك، واترك كل ما يغضب الله، وعوض ما فاتك من تقصير تجاه ربك وتزود بالنوافل وان كان بمقدروك ان تنفع الاخرين فافعل واملأ فراغك بطاعة الله والعمل الجاد المثمر، واقتل الفراغ بسكين العمل.
وكم من تائب أبدع وله حضور في المجتمع ومنهم دعاة ومحاضرون، ومنهم من انهى دراسات علمية، وكذلك منهم من حصل على مناصب متميزة في القطاع الخاص، وهذا لم يأت الا بالعمل المثمر الجاد، واملأ الفراغ بما هو مفيد، واخيرا اقول لك اخي التائب: ان كان الفراغ مقاتلا فبسيف العمل اقتله.
أسأل الله ان ينفعنا بأوقاتنا ويشغلها بطاعته.