لا شك أن المنزل فيه الراحة النفسية والعملية طيلة اليوم، فالمنزل هو مكان الراحة للزوج فإذا استقر الإنسان معنويا ونفسيا ووجد الزوجة تستقبله بالابتسامة والكلمة الطيبة والشكل المريح، ينسى متاعب العمل وهمومه، وهذا يجعل الزوج يبادلها نفس المشاعر، فالشحنة المعنوية لمواجهة مشاكل الحياة تنطلق من المنزل ولكن إذا حدث العكس وتجاهلت الزوجة الزوج ولم تستقبله كما ينبغي حتى بالسلام عليه والسؤال عن أحواله تحدث فجوة بين الطرفين لعدم اهتمام كل منهما بأحوال الآخر وتبدأ المشاكل التي يختلقها كل واحد ويلقيها على الثاني، لأن الود والحب بدآ يقلان مع دخول الشيطان، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» يعين على نسيان كل واحد منهما الأيام الجميلة والحب واللحظات الرومانسية والكلام والعهد الذي تعاهد كل منهما عليه بألا يترك أحدهما الآخر مهما حصل، وبالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نجد انه لم يترك شيئا بالحياة والعلاقة الزوجية إلا ذكره صلى الله عليه وسلم لأنه منهج حياة رسم للأمة الطريقة السليمة للتعامل بين الزوجين، ولكن هناك مشكلة أخرى وهي الأولاد الذين يشاهدون المشاكل والانفصال والسب ومد اليد، وهو ما يؤثر في نفسيتهم وسلوكهم سواء داخل المنزل أو خارجه، وأغلب مشاكل الأطفال سببها الرئيسي المشاكل الأسرية التي تؤثر على أدائهم المدرسي والسلوكي وتجعل من السهل انقيادهم إلى السلوك السلبي للبحث عن حلول للمشكلات الأسرية المستمرة، والزوجان كل منهما يريد أن ينتصر لنفسه خاصة إذا دخلت أطراف من خارج المنزل في قلب المشكلة، وهذه طامة كبرى وأكثر هذه التدخلات تؤدي إلى الطلاق أو الى مشاكل تستمر وتصل إلى المحكمة، وأنا أرى أن العلاقة الزوجية إذا وصلت إلى المخافر والمحاكم تصبح علاقة شبه مبتورة، فالزوج يقول للزوجة أنت اشتكيتي عليّ في المحكمة، ويبقى الشعور الداخلي، وأنا أعني في كلمتي ليس معاملة الزوجة لزوجها فحسب، بل قد تكون هذه المواقف السلبية سببها الزوج وهو الذي يبدأ بالاستفزاز والمشاكل، وهنا كما ذكرت كل واحد يريد أن ينتصر لنفسه، الزوجة تقول «إذا أنت راجل وعندك كرامة طلقني»، ثم يتمكن الشيطان من الزوج ويطلقها، وفي لحظة يضيع كل ما يربط بين زوجين محبين لبعضهما، يجب على كل طرف تقديم التنازل للآخر والنظر الى مستقبل الأولاد والرجوع إلى الله تعالى وتعاليم رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه المشاكل المستمرة داخل المنزل تنعكس على الزوج خارج المنزل من حيث أدائه في العمل وسلوكه وانطباع الآخرين السلبي عنه في التصرفات والمعاملة، فالسعادة الحقيقية تشحن من المنزل ومن ثم يخرج بها الزوج إلى العمل والمجتمع، وكما قال الله تعالى: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) فالآية تحمل من معاني الخير الكثير ومنه الزوجة الصالحة، فالزوجة محتاجة إلى كلمة طيبة وحنان، والزوج كذلك لأن الزوجة تتفهم زوجها لأنه يعتبرها بديلا لوالدته التي فقدها والتي كانت تمثل له الحب والحنان، فكلاهما محتاج للكلمة الطيبة والابتسامة وتبادل الشعور والأحاسيس، وكما قال المثل الكويتي «فلان تعرفه؟ قال: نعم، قال: عاشرته؟ قال: لا، قال: إذن لم تعرفه»، فالعشرة بين الزوجين تزيد من فهم كل منهما للآخر ولو بالنظرة، كذلك طيب المشاعر والسلوك يؤثران على الأبناء داخل وخارج المنزل خاصة من الناحية النفسية.