في حقيقة الأمر من عايش أو تعايش مع ظروف المدمنين على المخدرات أو أسرهم من خلال عمله كمعالج أو قريب من أسرة المدمن فإنه بلا شك يرى عالما آخر مليئا بالمشاكل التي لا تخطر على بال أحد، فهناك ألم مستمر للحالة والأسرة ولكل من له صلة من أقارب حيث المعاناة كبيرة من الصباح حتى المساء وحتى في الأحلام لا يشعرون بالراحة من الكوابيس وعدم الراحة النفسية، والأهالي دموعهم في قلوبهم قبل عيونهم يذوقون طعم الراحة مادام في بيتهم مدمن. هذه الحقيقة لا يعلمها أو يلتمس ذلك الجرح المفتوح الذي ينزف من دون توقف، ولا يتوقف الا بتوبة المدمن الذي لا يشعر بمن حوله وبالأضرار والمشاكل التي يسببها للأسرة ولكل من له علاقة به ولو كانت الخسائر والاضرار للمدمن وحده لكان الأمر طبيعيا، لانهم يتأثرون ويدعون له بالهداية والشفاء، فأنا أعتبر أن مرضى إدمان المخدرات أضرارهم أكبر من مرضى السرطان والإيدز حمانا وإياكم وكل مسلم من الأمراض وشفى كل مريض، بطبيعة الحال يتأثر مريض السرطان أو الإيدز وكذلك الأسرة والمقربون له ولكن بعد فترة يكون قد تعايش معه الجميع، ومن نعم الله الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى نعمة النسيان، وحتى المقربين ممن كانوا يكثرون الزيارات تقل زياراتهم مع مرور فترة من المرض وتكون الحالة المرضية شبه مقبولة لدى الجميع ويرضى كل من المريض وأسرته بما قدر الله تعالى لهم، ولكن مرض إدمان المخدرات يحطم نفسه وأعز الناس إليه ومن حوله وهو لا يشعر بهذا الأذى والمعاناة التي يعيشها وتعيشها الاسرة وهو لا يشعر بذلك لأنه أسير للمخدر، وكثير من المدمنين يقول إنه لم يسبب ضررا لأحد وأنه لا يضر إلا نفسه، هذا ليس بكلامه بل نتيجة أسره للمخدر الذي يقوده ويزين له تصرفاته وسلوكه ويوهمه بأنه على صواب.
وليسمح أي أب بأن اسأله: فالجواب عنده: إذا تقدم شاب مستقيم ليتزوج ابنتك ومن خلال سؤال الاسرتين عن بعضهما تبين لهم أن الأب يتعاطى المخدرات فهل يقبل الشاب أو أسرته بالزواج من ابنتك، وكذلك ابنك إذا تقدم للزواج واستعلموا عن الأب وعلموا أنه يتعاطى، فهل يوافقون على الزواج والأب مدمن ولا يملك من تصرفاته شيئا إلا الاستمرار في التعاطي للمخدرات، دعنا نعكس هذا السؤال ونقول إذا تقدم لابنتك مدمن مخدرات فهل تزوجه أو تقدم ابنك لفتاة تتعاطى المخدرات أو والدها مدمن فهل توافق على ذلك؟ مع اضافة الكم الهائل من المشاكل والخسائر المادية والمعنوية والأضرار بنفسيات أفراد الأسرة التي يعيشونها كل لحظة، كل هذا قد لا يحرك أي شعور بالمسؤولية تجاه نفسه وتجاه من حوله، أخي الحبيب: الرجل موقف فاتخذه واعمل واجعل التوبة أولا لله تعالى وارحم نفسك ومن ثم الذين يعانون ويتذوقون ألوان العذاب، قال الله تعالى في كتابه الحكيم (ألم يئن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق). صدق الله العظيم.
نعم يجب اتخاذ القرار والعلم به وإنقاذ نفسك وأسرتك وأبنائك ارجع إلى الله عز وجل لتصلح أمورك كما قال الله تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) وقال تعالى (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) ليست السعادة أخي الحبيب في جرعة وأهلك معذبون، هل والداك وزوجتك وأبناؤك يساوون جرعة مخدر شيطانية؟ زنها وشغل نعمة العقل التي تميز الإنسان عن باقي المخلوقات، فسترى يا أخي الجواب إذا عملت بالقرار وبذلت الأسباب فسترى التوبة سهلة إذا كانت لله، أما إن كانت لغير الله أو لأسباب دنيوية فستكون صعبة. وأخيرا نسأل الله تعالى أن يحمي ابناءنا والمواطنين من غواية الشيطان ويحمي المسلمين جميعا من هذه الآفة المدمرة.