جاسم العبود
من القضايا التي تحتاج الى وقفة وتفسير لما يحدث هي قضية النظرة السوداء تجاه تائب المخدرات فالذي أردت أن أتحدث عنه بكل وضوح وصراحة وشفافية وواقعية هو النظرة المتشائمة الى اخواننا التائبين والتهمة الملتصقة بجبين هذا التائب لله تعالى ونسمع دائما من البعض «مدمن مجرم» لا يغفر له، وغير ذلك من الأهوال وهذا لسان حال من لا يعرفون قيمة التوبة عند الله تعالى ناسين أو متناسين ان مـن تـاب تـاب الله عليه، قـال رسـول الله ( صلى الله عليه وسلم ) «كـل ابـن آدم خطاء وخـير الخطائـين التوابون» أحبتي فـي الله مـن منا لا يخطئ هـل نحن معصومون مـن الخطأ والله عـز وجـل عـاتب كثيرا مــن الأنبياء والرسل ومنهم سيـدنـا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) حين عاتبه الله فـي قـوله تعالى(عبس وتولى) عندما جاءه الأعمى ولم يهتم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) باستقباله وتلهى عنه... إلخ.
أحبتي في الله من الغريب والغريب جدا من هم ينظرون النظرة الدونية والذين لا يقبلون توبة التائب ولا يسامحون ولا يغفرون وهم غرقى في الذنوب والمعاصي نسأل الله السلامة والعافية وكثير منهم والعياذ بالله يزني أو يأكل الربا أو يسرق أو يشرب الخمر ولسانه دائما بالنميمة والغيبة يتكلم والأدهى من هذا كله لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي نسأل الله السلامة من كل ذنب وعندما يأتي تائب لله ويتقدم ويخطب منه أخته أو ابنته يصده ولا يتقبل هذا التائب من يتقبله وحده هو الله.
التعامل الاجتماعي والوظيفي مع التائب ـ للأسف الشديد ـ لا يرتقي الرقي الإيماني الذي أوصانا به الله تعالى ورسوله الكريم ( صلى الله عليه وسلم )، حيث أتى هذا التعامل من الفكر المتخلف البعيد عن الإسلام وحتى الإنسانية والأخلاق والتعامل الحسن أقول اتقوا الله في أنفسكم ولا تعيبوا الناس وأنتم غرقى في الذنوب والمعاصي وقيل «اللي بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجر»، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا قبل أن يتهم التائب الى الله بالإجرام وتقول إنه مازال مجرما انظر لنفسك هل انت بعيد عن كل الذنوب والمعاصي ونزيه عنها ـ إن الكمال لله ـ عز وجل، وكما قال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ): «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» لم يذكر ( صلى الله عليه وسلم ) ذنبا أو معصية وخص بها متعاطي المخدرات بل قال كل ابن آدم خطاء وهنا أشار ( صلى الله عليه وسلم ) الى كل الذنوب والأخطاء التي يقع فيها العبد والتي نهى عنها الله ـ عز وجل ـ ويجب علينا قبل ان نصدر الحكم القاسي الظالم على التائب ان نقف وقفة عقلانية منطقية ونقول لأنفسنا ان هذا التائب لله عز وجل ترك ملذات الدنيا وشهواتها ومتاعها واللذة الشيطانية والدنيوية وسعى الى متاع الآخرة وملذات الجنة ونعيمها وترك كل ما كان يقوم به قبل التوبة من اجل الله تعالى وفضل الآخرة على الدنيا وزهد متاعها ثم نقول له انه مجرم! أين العدل والإنصاف في هذا الحكم الظالم؟ والله ـ عز وجل ـ ذكر في أكثر من موضع في القرآن الكريم وجعل للتائبين منزلة كريمة وفضلهم على غيرهم لأنهم ابتغوا وجه الله ورجعوا إليه بقلب صادق سليم والله بشّر كل تائب من ذنب وقال الحق في كتابه الكريم (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) هذا عدل وإنصاف وفضل من الله عز وجل لكل تائب من ذنب.
«أحبتي في الله المجرم الحقيقي من فرط في حقوق الله وواجباته ولكن من تاب تاب الله عليه والتائب من الذنب كمن لا ذنب له».
أسأل الله العلي القدير أن نكون من التائبين لله تعالى