لا أحد ينكر الدور الأكاديمي ودور العلم في تطور جميع مجالات الحياة، لأن العلم نور يجعل المتعلم على بصيرة، ويدرك الحق من الباطل ويطور حياته ويواكب التطور السريع، والجميع يتفق على ان صاحب السمو الأمير يحرص دائما على العلم وحث الشباب والمجتمع على الثقافة وتنمية المجتمع.
وأتذكر ان سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد كان يقول: «ان ثروة البلد هي الشباب فإذا ارتقى الشباب ارتقى البلد».
اما الموضوع الذي أردت التحدث عنه فهو مشكلة المخدرات والواقع المرير الذي يعيشه الشباب والذي لا ينفع معه علماء النفس ولا التنظير، وأنا هنا أخص فئة الاخوة غير محددي الجنسية (البدون) الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية دخلوا على اثرها السجن في قضايا تعاطي مخدرات، وتماثلوا للشفاء بفضل الله عز وجل، ومن ثم برنامج إعداد التائبين الذي تشرف عليه عدة جهات، ثم يفرج عن هؤلاء بتوجيهات من صاحب السمو الأمير، جزاه الله خيرا، على هذه المكرمة الأميرية وكذلك مجهود القائمين على هذا البرنامج ومنهم وزارة العدل ممثلة بالنيابة العامة ووزارة الداخلية الممثلة بالإدارة العامة للسجون ووزارة الأوقاف ووزارة الشؤون والهيئة العامة للشباب والرياضة وجمعية بشائر الخير، أسأل الله ان يجعل ما يقومون به في ميزان حسناتهم.
نعود للحديث عن فئة البدون أو من هم بنفس ظروفهم مثل الكويتية المتزوجة من غير الكويتي ولديها أبناء، حيث ان القانون الكويتي يعاملهم معاملة غير الكويتي، نحمد الله على هذا البرنامج الفريد من نوعه في العالم وهو يشمل جميع المتعاطين ومن بينهم هذه الفئة، ومن فائدة هذا البرنامج انه يسمح للمحكوم عليه في قضية تعاطي المخدرات بأن يدخل هذا البرنامج ويلتزم بشروطه وذلك بعد ان يجتاز البرامج المعدة من الجهات التي ذكرتها، ومن ثم يفرج عنه كما أسلفت بالمكرمة الأميرية فمثلا اذا كان محكوما عليه بخمس سنوات واجتاز سنة من البرنامج يفرج عنه ويقضي السنوات الأربع المتبقية من العقوبة خارج السجن ولكن كما ذكرت بشرط الالتزام بالشروط الموضوعة وعلى رأسها التحليل الدوري للتأكد من خلو جسمه من المخدرات أو العودة اليها مرة ثانية وانه سيلتزم مع الجهات المعنية مثل وزارة الأوقاف وجمعية بشائر الخير، وبلا شك فإن هذه الشروط تعود لمصلحة التائب لعدم العودة لتعاطي المخدرات، وحكومتنا الرشيدة، جزاها الله خيرا، لا تقصر مع المواطن بالمساعدة الشهرية لحين رفع الإجراءات الجنائية بحقه ولكن ماذا يفعل غير محدد الجنسية ومن هم في نفس ظروفه، بمن يستغيث وكيف يوفر مصاريف السكن ومصاريف المعيشة ودراسة الأبناء، وحتى في حال المرض وهو لا يملك أي دخل مادي يعينه بعد الله تعالى، وهو لا يجد أي جهة تساعده فهو بلا شك ان تحلى بالصبر سنة أو أكثر فإن الواقع والظروف تجره الى تعاطي المخدرات والاتجار بها حتى يعيش كباقي الناس وبالأخص التائبين الذين لم يصرف لهم بدل الايجار وهم لا يملكون أدنى مقومات الحياة.
والعجيب في الأمر ان مشكلة البدون ليست بجديدة على الحكومة ولا على مجلس الأمة، بل هي من المشاكل الرئيسية التي تطرح على الساحة السياسية وعلى مدى هذه السنوات الطويلة نسمع في أيام الانتخابات وفي المناسبات أكثر الأعضاء يتكلمون عن حل هذه المشكلة، وكل واحد منهم يستعرض عضلاته لحل هذه المشكلة ولكن هذه المشكلة الإنسانية تحتاج الى رجال مواقف ولا رجال كراسي وشعارات وأصوات عالية لا تقدم ولا تؤخر بل تحرك المشاعر،، والجميع يعرف ان ما يقوم به بعض الأعضاء فيلم هندي ليس أكثر.
أريد من كل شخص ان يضع نفسه في هذه الظروف والمواقف، ويعيش ما تعيشه هذه الفئة المغلوبة على أمرها، ومن هم بنفس ظروفهم، هل يستطيع ان يعيش ويسكن ويدرس أبناءه ويعالج من الأمراض ويمارس حياته الطبيعية من غير مال، وكل مسلم يعرف قول الله تعالى (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) ولكن ليس الجميع يملك من القدرة الإيمانية التي تجعله يتعامل مع المواقف التعامل الإيماني. على كل حال الواقع والظروف الصعبة لا يحلها التنظير النفسي الذي يتحدث عنه كثير من المتخصصين في هذا المجال وكما يقول المثل الكويتي «الذي يده في الماء غير الذي يده في النار»، أرجو من الله العلي القدير ان يلهم المسؤولين ويوفقهم تجاه هذه المشكلة الإنسانية وان تحل بما يرضي الله تعالى، وتكون هذه المشكلة من ضمن الحلول التي تتساوى مع جميع الحلول الإنسانية وتكون في إطار ما أمر الله به وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم، وأقول للاخوة التائبين: الفرج قادم ولكن باتباع قول الله تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).