في عبرة تحكى عن حجر كبير كان يسد طريقا مهما للمارة في قرية ما، وكل من يمر في هذا الطريق تتعطل شؤونه فيتذمر ويقفل راجعا عن تحقيق مقصده، وظلت المعضلة وقتا طويلا حتى مر بهذا الحجر شاب اجتهد صامتا لإزاحته بأساليب ذكية دون أن ينطق بكلمة شكوى، فانفسح الطريق ليس لمقاصد الشاب وحده وإنما لمصالح كل مار بهذا الطريق.
اليوم لا يكاد يخلو مقال ولا تصريح ولا دراسة تطالعنا بها وسائل الإعلام في وطننا العزيز من بيانات الويل والثبور وشكاوى جمود التنمية بل تراجعها وشيوع الفساد في كل مجال ومنحى وتعطل مصالح الناس ونبؤات المستقبل المشؤوم.
نعم اليأس والإحباط بات يسكن النفوس والعقول من الحكومات المتعاقبة ومؤسسات الدولة ومجلس الأمة، حجارة كثيرة وكبيرة تسد طرق الآمال في بناء مستقبل واعد وحياة كريمة للمواطنين، ولكن هل فعلا لا نملك من يرفع هذه الحجارة ويعيد حراك عجلة التنمية في بلدنا؟.
لماذا لا يفكر كل مواطن يستشعر الخطر وقد تعطلت مصالحه في أن يبادر بخطوة إيجابية لرفع ولو بعضا من حجر الطريق في سبيل التنمية؟.
وقد يحاور ذاته من يفكر في هذا الطموح ماذا عساي أن أفعل وحدي؟..بل تستطيع أن تفعل الكثير إذا تعالت همتك لتحفيز الآخرين وتنظيم جهودهم في مبادرات وطنية هادفة بأسلوب حملات تنموية مرسومة المقاصد والآليات، أو بطريقة التفاف جمع من مؤسسات المجتمع المدني حول تحقيق جزئية في حل معضلة محددة ما يشجع بنجاحها على التوجه لحلحلة غيرها وهكذا...
ثم ليرتقي الطموح بالتآزر العملي بين مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة للتدرج في تحقيق الطموحات، فحينما تسد الأحجار الكثيرة طرق الآمال سجل التاريخ لأهل الكويت فزعتهم التكافلية لحماية مصالحهم الوطنية دون أن ينتظروا عونا من أحد.
وحيث ان حل الإشكال ينبع من وضوح الرؤية وتحفيز الهمة الذي يحتاج إلى إعادة البناء الداخلي للذات الفردية والجمعية أطرح مراكز تنمية المجتمع كمثال نقيس عليه تآزر الإمكانيات المتاحة.
تنتشر هذه المراكز التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في جميع محافظات الكويت، ويفترض في إدارتها أن تنجز الأهداف التنموية بدوام نهاري ينقسم الى فترتين صباحية ومسائية، ورغم التكدس الوظيفي فيها بواقع 2200 موظف إلا أنك لا تجد أيا منهم في دوام الفترة المسائية..ولا يوجد في المراكز مشرفون مثبتون لاستمرارية النشاط ومتابعته، ولا توجد ميزانية مثبتة للمراكز..إنها تنمية تحتاج إلى تنمية تنفخ فيها الروح..
فيأيها المواطنون الأعزاء انفخوا روح المبادرة بالعطاء لوطننا الغالي في أنفسكم أفرادا ومجاميع ومؤسسات، وتكافلوا في إزاحة الأحجار من طريق طموحاتكم وآمالكم.. إنها لا يرفعها غيركم.
[email protected]