لقد أنجزت مؤسسات المجتمع المدني الكويتية المعنية بحقوق الإنسان تقاريرها في واقع الحقوق الإنسانية المعنية بها في مجال أنشطتها وخدماتها للمواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة، وأتمت إرسال هذه التقارير إلى مجلس حقوق الإنسان الدولي التابع للأمم المتحدة في النصف الأول من يونيو 2014م، واعتنت بنشرها في وسائل الإعلام لتكون بيد المسؤولين والمواطنين عملا على نشر الوعي الحقوقي وتعزيزا للتعاون المحلي في سبيل إحقاق الحقوق.
على إثر ذلك برزت الأسئلة والحوارات الهادفة حول جدوى آلية الاستعراض الدوري الشامل وما يشابهها من إجراءات المجلس الدولي لحقوق الإنسان في مطالبة الدول الأعضاء بتقديم تقاريرها حول إيفائها بتعهداتها وببنود الاتفاقيات الدولية التي وقعت أو صادقت عليها، وتفاوتت الآراء التي واجهتها من خلال دور الرابطة الوطنية للأمن الأسري «رواسي» في تقديم تقريرها ما بين من يقبل هذه الآليات الدولية في تعزيز الحقوق المدنية في الدول الأعضاء ولكن يراها ضعيفة القيمة والإنجاز على مستوى النتيجة، واتجاه آخر يرفضها ويرى فيها تعديا على حقوق الدولة.
من تسع اتفاقيات دولية وقعت الكويت على سبع، وشأنها شأن الدول الأعضاء تقدم تقاريرها بصفة دورية لمجلس حقوق الإنسان حول ما حققته من إنجازات في التزاماتها ببنود هذه الاتفاقيات التي قبلت بها، وما يحتاج إلى مزيد من الوقت والجهود لتنفيذه، أما ما جدوى ذلك؟ نعم إن عملية التواصي بأسلوب مدني راق بين الدول ومؤسسات المجتمع المدني تحتاج وقتا وجهود سنين لتحدث فرقا إيجابيا ملموسا على أرض الواقع بتبادل الخبرات والاستفادة من الآليات المجربة في تذليل العقبات وتحصيل النتائج المطلوبة، ولكنها وسيلة طوعية مستقرة وثابتة نسبيا في تعزيز الحقوق المدنية، وقد لمسنا أثرها في إقرار الحقوق السياسية للمواطنة الكويتية، وإنجاز فارق في الحقوق المدنية لغير محددي الجنسية على مستوى التعليم والعلاج الطبي وإن كان الطريق لتحصيل كل الحقوق المدنية لهذه الفئة من المجتمع مازال طويلا، ويحتاج مواصلة الجهود بصبر ومثابرة.
أما مثل هذه الجهود التي تبذلها مؤسسات المجتمع المدني في تقارير موازية لتقرير الدولة ما موقعها من الإعراب؟.. هل تتعارض مع أهداف الدولة أم تخدمها؟
تقارير الدول الأعضاء لمجلس حقوق الإنسان يشترط لقبولها من خبراء المجلس الذين يناقشونها أن تكون تقارير وطنية بمعنى ضرورة مشاركة مؤسسات المجتمع المدني للدولة في إعدادها والإيفاء بمتطلباتها، فإن لم يتم ذلك فإن هذه المؤسسات الغيورة على مصلحة الوطن والمواطنين تبادر بتقارير تعين على معالجة أوجه القصور في تقرير الدولة، خصوصا أن الفارق الزمني بين تقارير المؤسسات التي قدمت في يونيو الجاري وتقرير الدولة الذي سيقدم في أكتوبر أكثر من ثلاثة شهور ما يكفي للتعاون لمعالجة أي قصور.
إن التآزر الحقيقي والفعال بين الدولة والمجتمع المدني الحي كفيل باختصار الزمن والجهود في تحقيق الإنجازات الحقوقية المدنية والإنسانية.
[email protected]