ما الذي يدفع الكثير منا لمعرفة محتوى مقال منع من النشر؟ إنه السبب نفسه الذي يدعونا للتوقف لمشاهدة حادث مروري على الطريق أثناء القيادة، إنها غريزة الفضول «حب الاستطلاع أو الاستكشاف» الموجودة لدى الكثير من الكائنات الحية.
هذا الفضول دفعني إلى التساؤل عن سبب غلبة الفضول المذموم أو حب الاطلاع على شؤون الآخرين الخاصة على غريزة الفضول المحمود أو حب الاستطلاع المعرفي الدافع للبحث والتعلم في مجتمعاتنا الشرقية؟ بحثي عن الإجابة دلني على مجموعة من المسائل أشير إليها وبإيجاز، أولها قصور نظم ومناهج التعليم والبحث التي تعزز غريزة الفضول الإيجابي وثانيها شيوع سلوكيات مجتمعية وتربوية تنمي غريزة الفضول السلبي، وكلتا المسألتين قابلتان للمعالجة وفق منهج علمي يتبناه المجتمع وترعاه الدولة. أما المسألة الثالثة فهي الجانب الفطري لهذه الغريزة أو المورث البيولوجي ولعله الجانب الأكثر إثارة في هذا الموضوع، ومعلوم أن استدلالات علماء السلوك كانت تقوم على ما تم رصده من سلوكيات فطرية لبعض حيوانات التجارب وقدرتها على اكتشاف حلول لشبكة من الممرات المعقدة. المثير في هذا الموضوع أن النظرية الفطرية تعززت عندما نجح فريق باحث من مؤسسة ماكس بلانك الألمانية عام 2007 في عزل مورث أطلق عليه «جين الفضول» لدى نوع من العصافير أعطي رمز «drd4». هذه الطيور التي تنتشر فيها تلك الجينات تظهر قدرة ونزعة طبيعية لاستكشاف مناطق جديدة وغير مألوفة في أقفاصها. وتبع ذلك عام 2009 اكتشاف باحثين في جامعة تورنتو الكندية مواد كيميائية وبروتينا في مناطق من مخ فئران التجارب تزيد من السلوك الاستكشافي عندما تتوافر بشكل كبير.
الباحثـون يـأملون أن تساهم تلك الاكتشافات في تطوير علاج بعض الأمراض أو العادات السلوكية عبر تقنيات العلاجات الجينية والجزيئية في المستقبل القريب. وحتى ذلك الحين سنواصل الوقوف وتعطيل السير لمشاهدة الحادث المروري أثناء القيادة لإشباع غريزتنا الفضولية.
[email protected]