نشرت مجلة الرائد في العدد الرابع من السنة الأولى في يونيو عام 1952م (حقبة تدفق عائدات النفط) هذه القصة:
نشرت إحدى الصحف الباريسية منذ سنوات في أحد أعدادها الخبر التالي: «لقد ثبت بما لا يقبل الجدل أن نصف أعضاء مجلس الدولة الفرنسية من اللصوص».
وقامت قيامة مجلس الدولة وطالب أعضاؤه بمحاكمة أصحاب الجريدة والحكم عليهم بالغرامة والتعطيل، وهاجت الحكومة وماجت لهذا الاتهام الشنيع الموجه لأعضاء مجلس من مجالسها، لكن الحكماء رأوا أن محاكمة أصحاب الجريدة وتعطيلها عن الصدور لن يغير من أثر هذا الخبر في نفوس الجماهير بل ربما زاده رسوخا وثباتا، وأن الحكمة تقضي بأن يجبر صاحب الجريدة على تكذيب الخبر وبذلك ينتهي الإشكال، ويرد على أعضاء مجلس الدولة كرامتهم وسمعتهم.
وهكذا ألزمت الحكومة أصحاب الجريدة تكذيب الخبر في أول عدد يصدر منها، واحتار القائمون على الصحيفة كيف يكذبون أنفسهم وما نشروه صحيح واقع، ثم ماذا تكون قيمة جريدتهم بعد هذا التكذيب، سيفهم الشعب طبعا أنها جريدة كاذبة وسيقضي هذا العمل على سمعة جريدتهم بين الناس.
وفكر أحد المحررين طويلا قبل أن ينهض من مكتبه ويتقدم من رئيس التحرير ليقول له: دع المسألة علي، وسأنهي هذا الإشكال، وفي اليوم التالي: صدرت الجريدة وإذا في صدرها بحروف بارزة هذه الكلمات: «ذكرنا في العدد الماضي أن نصف أعضاء مجلس الدولة من اللصوص والواقع.. أن نصف أعضاء مجلس الدولة ليسوا لصوصا».
وثق الأديب الراحل خالد سعود الزيد في كتابه: شيخ القصاصين الكويتيين آثار صاحب القصة المذكورة أعلاه الأديب الراحل فهد الدويري الذي نشر عبر مجلة الرائد قصصا وعظية قصيرة استمدها من التراث وأسقط عليها إسقاطات عالجت بصورة رمزية مشاكل العصر السياسية والاجتماعية وذلك بلغة أدبية.
[email protected]