«الحشيمة» مصطلح يعني الاحترام والتقدير، وما يدور في فلكهما من المعاني.
«الحشيمة» اختفت، أو صارت عملة نادرة جداً، و «جداً» أخرى، وليست واحدة فقط!
كل مكان تجد فيه ظاهرة انخفاض منسوب «الحشيمة»، قم بزيارة سريعة لمواقع التواصل الاجتماعي، واقرأ ردود البعض، وهم أغلبية بأسماء مستعارة، وتتحقق بنفسك من ادعائي انقراض «الحشيمة» بين البشر، إلا من رحم ربي.
المشكلة أن الذي يكتب تحت قناع ينسى أنه هو وليس القناع، وأن ما يكتبه يعكس تربيته وبيئته ودينه وأخلاقه، الأقنعة يراها الناس، ولكن أنت تعلم أنك أنت من يتحدث خلفها، وهنا المعضلة، أن هذا «ما يحشم نفسه».
اخرج إلى الشارع في الازدحام، وشاهد كيف يشير «ولد» لم يتعد عقدين لشيخ كبير في السن بإصبعه بحركة بذيئة، فقط لأنه لف قبله أو عليه سهواً لأي سبب آخر، لأن هذا الشاب يظن أن الطريق «بيت أبوه»، ويجب أن يفسح له الجميع لأنه يمر من هنا!
ادخل مراكز الخدمة التابعة لوزارة الداخلية، أو برج التحرير، لإجراء معاملة في «الحكومة مول»، وقص علينا ماذا ترى من تعامل بين الناس بعضهم لبعض، وبين الموظفين أنفسهم، وبين الناس والموظفين!
وآخر مشاهد «اللاحشيمة» وليس الأخير، احتفالات ذكرى الاستقلال والتحرير، رقص وغناء، وأذى للناس، وتهتك أخلاقي، وكأنه مجتمع يعاني من الكبت، والشوارع صارت مكباً للنفايات، لعديم «الحشيمة» مذهب واسع في تكييف أفعاله وتحويلها لحرية شخصية!
لذا، فأولى مراتب «الحشيمة» أنت: فكما قيل: «الحشيم من حشم نفسه»، فلا تقبل أن تعرضها للإهانة والنقد الشخصي بدلاً من الموضوعي، والسب والشتم، ومثال هذا المرتكب المعاصي، والمجاهر، فهو مهين لنفسه، فلا يلومن أحدا إن وصفه بالفسق، نعم، الفسق، فقد عرّف أهل العلم الفاسق بأنه: «كل من ارتكب كبيرة ولم يتب منها، أو أصر وداوم على فعل صغيرة».
تحكي لي جدتي، رحمها الله هي وأموات المسلمين، عن «فريج» الكويت في العشرينيات ـ كما عاصرتْ ـ وتقول: «كان الشاب الغريب عن الفريج إذا مر منه، من كثر ما يحشم نفسه خوفاً من سوء الظن فيه، لا يدخله مرة ثانية إلا مع أحد السكان، أو يوقف عند أوله ينتظر». تعالي يمه شوفي «فرجان» الكويت اليوم، أصلاً الغريب يعور عند نفس البيت أكثر مرة، ويلف عليه من الأمام والخلف، وإن سأله أحد أهل البيت: شعندك؟ نزل يتطاقق معاه!
انقلبت الموازين وتشوهت المفاهيم.
شياب «الفريج» في كويت الشرف والأخلاق كانوا يحذفون بالنعل، ويرسلون بصاقهم على أي رجل يتكرر دخوله للمنطقة بلا سبب يعرفونه، نعم يجب أن يعرفوا ماذا يفعل في حِماهم.
الآن، ما عاد هنا حِمى ولا حمية، فمن لها؟
!twitter@kholoudalkhames