في قاعة الدرس بجامعة كاليفورنيا - مدينة لوس أنجيليس دخلت «كشة» عظيمة!
لا أبالغ إن قلت ان الرأس والوجه كانا مجرد نقطة في كومة قش اسمها البشري «شعر» ووصفها في العامية الكويتية «كشة»، وفي رواية «فلافل»!
على فكرة، لسنا وحدنا شعوبا تسخر، رغم أن ديننا نهى عنها، فالأمريكان مثلنا منهم «الشماتة والمطينزة»، ومثلما يصح أن كثيرين من فئة اللامبالين إلا بأنفسهم وحياتهم من صعوبتها، كذلك ليس بصحيح أنهم شعب مثالي في فهم حرية الآخر وحقه في التعبير قولا وسلوكا وأنهم شعب لا يستغرب شييئا، غير دقيق أن الأمريكان لا يهتمون ولا «يعيبون» على الظواهر الغريبة والمظاهر العجيبة والمناظر المريبة!
عودة إلى «بو كشة»، لفتت انتباهي «البقشة» فوق رأسه فحدقت لعلي أكتشف إن كانت «باروكة» أو شعرا حقيقيا أصيب بمس كهربائي «نكشة» هكذا!
انتهت المحاضرة، وأذكر انها كانت عن حقوق الملكية الفكرية، ولم أكتب في «النوت» شيئا، انشغلت «بالفلافل» لهذه الدرجة كان المشهد لافتا، إي والله!
بعد أن انتهت المحاضرة، جاء «الأخ الثقة» وجلس بقربي على المدرج، وقال: لاحظتك تنظرين لي، أنت من أين؟
ماذا تتوقعون رد فعلي؟!
«سويت روحي ما أفهم شيقول»! نعم، أدرس في جامعة أجنبية والمحاضرات بالانجليزية ومثلت عدم فهمي للغة الانجليزية كأول تصرف عندما شعرت بالتهديد، المباغتة تفقدنا حسن «الدبرة»!
ونهضت لأرحل «لأنحاش، لأقب»!
وأنا ألملم كتبي والمذكرة وأدسها في حقيبة «اللابتوب»، قال: أنت مسلمة، أعرف من حجابك، ولكن تعرفين الانجليزية جيدا، كان بإمكانك الرد بعدم رغبتك في الحديث مع غريب كما يأمر دينكم، أعتذر، كنت أظنك معجبة بي وأحببت المبادرة بدعوتك، أليس هذا هو التصرف النبيل؟
معجبة؟! دعوة؟! وين الباب؟!..
تركته «يعد ويصف»، وصدقا لم أكن أسمعه، كل همي كان لملمة أشيائي بسرعة مَن سمع جرس إنذار حريق، والخروج قبل أن تخلو القاعة إلا مني و«كشته»، وخلال دقيقة أو أقل كنت في أول شارع قبالة الكلية، فللخوف أحكام!
ومشيت بلا وجهة محددة، ودخلت أول محل بوجهي، وكان مقهى محليا صغيرا يقدم الحلويات والمشروبات، فقررت الاختباء حتى تمر «عاصفة الهروب» التي أمر بها بلا مبرر، وجلست لأكثر من ساعتين أنظر للواجهة الزجاجية هلعا من أن يلحق بي!
قد لا أجد الآن مبررا، وأنا أكتب المقال، ولكن آنذاك كنت مرعوبة، رجل «أسود وكشة» يعني المسدس «منخش بفلافله»!
تذكرت تلك المشاعر، رعب من طالب جامعي، ولكن ما سببها؟!
ألونه؟! أم شكله غير المألوف والمتعمد للفت النظر؟! أم لأن الإعلام غسل أدمغتنا بأن الجريمة مرتبطة بالسود؟! أم ان تحذيرات جدتي من التبعات الوخيمة من السماح للأغراب بالاقتراب مني أكثر من ثلاثة أمتار وأن أبدأ بالصراخ إن فعل أحد؟!
قد يكون السبب كل ما سبق، وتخيلوا المشهد والنتائج لو طبقت تعليمات الجدة وصرخت في مدرج الجامعة لأن زميل يكلمني!
تلك قصة من كثيرات نعيشها لأننا مبرمجون، وفي أفكارنا خليط من المنهيات والمكروهات هي مجرد موروثات ليس فيها من الحق إلا الشيء القليل، وأغلبها خرافات مثل «حمارة القايلة» وهذه الأخيرة كم تسببت لي في عقد نفسية منعتني من التحرك بعيدا عن جدتي كل فترة الظهر، خوفا من «الحمارة بنت الحم...»!
الله يرحمك ويغفر لك ويسامحك على هالسالفة «يمه»!