نحت الدول العربية نحو الدول الأوربية والغربية واقتبست منها أغلب القوانين الوضعية بسائر فروعها وأقسامها... ولاختلاف البيئة الاجتماعية والدينية والثقافية بين تلك البلاد وبلادنا العربية نجد أحيانا عدم ملاءمة تطبيق بعض التشريعات الغربية الأصل على أراضي دولنا العربية، وأحيانا أخرى نجد مخالفة صريحة في تطبيق تلك التشريعات مع أحكام شريعتنا الغراء.
ولما كانت دولنا العربية درجت ومنذ زمن بعيد يتجاوز المائة عام، على العمل بالتشريعات الغربية الغريبة في بعض قواعدها على عاداتنا ومجتمعنا وقيمنا وديننا.. وكان من الصعب العدول مرة واحدة عن العمل بتلك القوانين.. لذا فالأفضل أن يكون التحول تدريجيا باستئصال ما يخالف في جوهره الشريعة الإسلامية وسن ما يتفق معها.. كما انه لا ضير من الإبقاء على أي قاعدة لا تخالف جوهر التشريع الإلهي الذي اعتبره المشرع في غالب الدول العربية مصدرا رئيسيا للتشريع بل اعتبره أحيانا المصدر الرئيسي للتشريع وليس مجرد مصدر للتشريع.
فعلى سبيل المثال عقوبة الإعدام جعلها الشارع الحكيم عقابا لبعض الجرائم كالقتل العمد والمرتد وذلك وفق قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة».
وبالنسبة لجريمة القتل وضع لها المشرع الوضعي عقوبة الإعدام لما لهذه الجريمة من اعتداء على الحق في الحياة الذي صانته العناية الإلهية ومنعت الاعتداء عليه إلا بالحق ولما فيه من الاعتداء على أمن المجتمع وسلامته باستئصال عضو منه دون ذنب أو دون وجه حق، وحسنا فعل المشرع باقتدائه بالشريعة الإسلامية.
ولكن كان أولى به أن يطبق نفس العقوبة على من يرتكب جريمة الردة فيعاقب بنفس العقوبة التي قررها الحق جل شأنه ويطبقها على الزاني المحصن المتزوج ويمارس الفحشاء الذي ينتهك بفعلته حرمة الأعراض ويعتدي على حد من حدود الله.. فما الذي يضير المشرع من تطبيق تلك العقوبة على الحالات السابقة؟!
ألم يكن الخير كل الخير في سن تلك العقوبة لهذه الجرائم، ألم يفكر الزاني الذي أنعم الله عليه بنعمة الزواج قبل أن يقدم على فعلته وينتهك ما ستره الله ويتعدى على الحرمات ويهدم الأسر.
ومن يهزأ بالإسلام ويترك النور إلى الظلام ويهزأ بأحكام المولى جل شأنه.. ألا يستحق استئصاله من المجتمع؟!
هذه دعوة نوجهها ونناشد من ورائها المشرع العربي في سائر بلادنا العربية أن يحاول التقريب بين أحكام الله وما وضعته شريعة الأرض إلى أن يصل إلى المحاذاة ويصل إلى نقطة الالتماس.. أناشد من يعمل بالتشريع من أعضاء البرلمانات العربية وأناشد الحكومات التي تتحكم في سن التشريعات والقوانين الوضعية أن تبدأ تدريجيا باعمال القاعدة الدستورية المنصوص عليها في أغلبية دساتيرنا وهي أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع أو المصدر الرئيسي للتشريع.. بأن تنتشلها من الإهمال إلى حيز الإعمال لأن الكلام في هذا الموضوع صار أمرا ضروريا، ومبدأ العقاب أصبح اكثر الحاحا، ان الاقتداء في القوانين الغربية كانت في السابق ضرورة لأن الحياة في الدول العربية توقفت عند مبدأ الاكتفاء بينما الغرب استمر مع التطور، وهانحن نعود من جديد لندك حصون التطور ونمتلك في دولنا العربية من الطاقات التي تؤهلنا الى أن نعود الى المقود، كل ما ينقصنا الثقة بالنفس، كل ما ينقصنا الحزم والارادة والتفكير في المستقبل، مستقبل الأجيال والعودة ومن دون شك الى ديننا الحنيف، ودستورنا الذي وضعه لنا هذا الدين ولم يترك صغيرة ولا كبيرة الا تطرق اليها، ندعو شبابنا وشاباتنا الى السير قدما، لان الأتكال في المستقبل سيكون عليهم من بعد التوكل على الله.