أصبح تسونامي الأزمة الاقتصادية العالمية في طريقه الينا دون عقبات بعد أن أطفأ مكابح الحلول التي وضعت من الدول، وكانت كما قلنا حلولا هشة لا ترتكز على أي دراسات بل هي عبارة عن مسكنات. وهذا لا يغني فقيرا ولا ينعش شركة ولا يوظف عاطلا عن العمل ولا ينشط بورصة، بل على العكس نتجه من سيئ الى أسوأ وكان الصندوق النقد الدولي بدأ بإرسال المؤشرات ـ انتبه ـ أنت على مسافة خطوة واحدة من الإفلاس ـ انتبه أنت على مسافة خطوة واحدة من البطالة ـ فهل هناك تحرك جدي؟
يتساءل الكثير ممن يعنيهم الأمر: هل سيستمر الحال على ما هو عليه بالنسبة للأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بالاقتصاد العالمي وكان من أثرها ما أصاب اقتصادات العديد من الدول بأضرار أدت إلى عجز اقتصادي ومشاكل اقتصادية يسعى الكل إلى إيجاد الحلول لها؟
رغم التدخل من الحكومات بضخ الأموال مباشرة في البنوك تفاديا لآثار تلك الأزمة، والخطط التي قامت بعض الدول بوضعها لإنقاذ الوضع مثلما حدث في أميركا، إلا أنها مستمرة ولم تتأثر البورصات إلا بوصول المؤشر العام إلى ارتفاع طفيف يكاد لا يدرك، وبعض الدول أدت الأزمة الاقتصادية إلى إفلاسها الخفي.
إذن الأمر الذي لا شك فيه هو بقاء الأزمة كما هي، بل جل ما نخافه أن تطل برأسها من مكان آخر، وأين، رغم ما عرض من حلول، وإن كان عدد من البلدان مثل الصين وروسيا لم يتأثر اقتصادها بل على العكس تماما مؤشر بكين زاد ارتفاعا والسبب في ذلك هو أن هذه الدول لم يكن اقتصادها مرتبطا بالاقتصاد الأميركي.
وعلى غرار ذلك الوضع في الدول الخليجية التي ينصح الاقتصاديون بتغيير التعامل والارتباط بالعملة الأميركية «الدولار» إلى عملات أخرى ومختلفة حتى لا يؤثر عليها في أزمات قد تعصف باقتصاداتها الا أن هذا الطرح لم يلق آذانا صاغية وإذا كنا لا نسمع فليفهمنا البعض ما هو مخططهم لتجاوز الأزمة.
وعن رأي الخبراء وذوي الدراية في شأن ما إذا كانت الأزمة الاقتصادية العالمية في طريق الزوال أم باقية وهل الخطر مازال قائما، اختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض وشتان ما بين ذلك وذاك، بين الواقع الملموس والأحلام التي قضت على اقتصادات دول ووضعت مواطنيها تحت حافة الفقر وأصبحت عملتها تحتاج الى آلة عد لشراء علبة سجاير.نعم هذا هو الواقع ومن هو المستفيد؟
الرأي الأول: يرى أن عام 2009 سيكون بمثابة النهاية للأزمة الاقتصادية.. وسيبدأ الاقتصاد العالمي بالتعافي في عام 2010 وستعود معدلات النمو إلى مسيرتها الايجابية ويستدلون على ذلك بنمو معدلات الأداء الاقتصادي في دول الاتحاد الأوروبي، وبالأخص الدول الكبرى كألمانيا..إذ سجل الاقتصاد الألماني في الربع الثاني من العام الحالي نموا ايجابيا بلغ 0.3% للمرة الأولى منذ عام كامل أي منذ اندلاع الأزمة العالمية، ونفس الحال بالنسبة للاقتصاد الياباني وفي فرنسا وهذه الدول الثلاث هي ضمن الدول الصناعية السبع، كما تراجعت حدة الإفلاس وخاصة على مستوى المؤسسات المالية التي كانت مركز انطلاق الأزمة التي عصفت بالاقتصاد العالمي، والنتائج التي حققتها بعض الشركات الصناعية بعد إعادة النظر بهيكلتها ولاسيما صناعة السيارات في الولايات المتحدة، كما أن معدلات النمو مازالت مرتفعة في دول ما يسمى بالأسواق الناشئة مثل الصين والهند، حيث أكدت الإحصاءات أن معدلات النمو في هذه الدول الهامة في حركة الاقتصاد العالمي ستظل فوق معدل 7% وستمثل قاطرة الاقتصاد العالمي للخروج من الأزمة.
وعلى النقيض من ذلك الرأي، اتجه جانب آخر من المحللين إلى أنه مازال يتوقع مزيدا من الانهيار الاقتصادي بسبب الأزمة التي مازالت قائمة كالنار تحت الرماد، ويدعم هذا الفريق وجهة نظره بأن معدلات البطالة مازالت مرتفعة فهي المؤشر الذي يقاس به مدى وجود الأزمة ففي الدول الكبرى كالولايات المتحدة نجد معدل البطالة يرتفع ومازال مستمرا في الارتفاع، وإذا لم يتوقف ازدياد معدل البطالة فإنه لا جدوى من الحديث عن الخروج من الأزمة لأن البطالة مؤشر على أن المؤسسات الاقتصادية لم تستعد حيويتها كما أن البطالة تضعف الطلب وتسهم في تعميق الأزمة، كما ان ظاهرة الإفلاس لم تتوقف بعد مما يؤكد وجود بل واستمرار الأزمة.
كما أنه مما يؤكد استمرار وبقاء هذه الظاهرة انعكاساتها على الدول النامية التي لاتزال موجودة، بل يتوقع حدوث أزمات وانهيارات اقتصادية في هذه الدول النائمة والتي ستظهر تباعا وستكون لها انعكاسات سلبية على أداء الاقتصاد العالمي الضعيف، وإذا كان تأثير هذه الدول محدودا عندما يكون الاقتصاد العالمي في مراحل الازدهار فإن تأثيرها يصبح مؤثرا في الفترات التي يعاني فيها هذا الاقتصاد من الأزمات وهذه الأزمة من بين الأزمات الكبرى.
المثير للدهشة أن البعض من الاقتصاديين يرون أن هذه الأزمة تختلف عن أزمة عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين لأنها أزمة عصفت بقطاع الاستهلاك وانتقلت منه إلى القطاعات الإنتاجية على عكس ما حدث في الأزمة الكبرى عام 1929.
وفي الختام جل ما أقول في نهاية كل مقال: عالمنا العربي الله حاميه.
[email protected]