استقر المؤشر العام للاقتصاد في الكويت خلال العام 2010 مع تحسن ملموس في الجزء الثاني من السنة والذي خرق جميع التوقعات.
واستطاع بفعل الجهود التي بذلت من قبل الحكومة تثبيت المسار الاقتصادي الايجابي مع عودة اسعار الخام الى مستويات مرتفعة وفي ظل توقعات بنمو متين وارتفاع أسعار الخام التي تدور حاليا حول مستوى 90 دولارا، تعد اذا ما استمرت بتكديس الفوائض في ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة السعودية والكويت التي تمتلك حصة الاسد من الاحتياطات النفطية المثبتة في العالم.
في رأينا نشعر وبكل تفاؤل بان المنطقة تمكنت من استعادة توازنها المالي والاقتصادي خصوصا مع ارتفاع اسعار النفط الى ما فوق 85 دولارا، والعام 2011 سيكون عام عودة النشاط الاقتصادي الى الكويت.وخاصة أن جميع الامكانيات متاحة، فالمشاريع قيد التنفيذ والرقابة فعلت الى أعلى المستويات والاستفادة من دروس الازمة الاقتصادية العالمية أعطت دفعا لتجنب المشاكل التي من الممكن الوقوع فيها.
وفي الدراسة المؤخرة التي أعدها صندوق النقد الدولي، فان منطقة الخليج بشكل عام والكويت بشكل خاص عادت بشكل متين الى النمو في نهاية 2010 وسيستمر ذلك في 2011، وان هذا النمو سيكون بحدود 7% بين 2009 و2011.
وهذه النسبة لم تكن متوقعة حتى من قبل كبار المحللين الاقتصاديين. وفي العودة إلى المراقبين الاقتصاديين نجد مجمل التحليلات كانت تتمحور حول نمو لا يتجاوز 4 إلى 5% حتى هذه النسب كنا قد ذكرنا أنه ليس هنالك من معطيات أكيدة. وذكر الصندوق ان قطر هي التي تسجل افضل النتائج الاقتصادية، فالنمو فيها سيكون في حدود 16% هذه السنة، وسيبلغ 18.6% في 2011 مقارنة بـ8.6% في 2009. أما الكويت فمن المتوقع أن يتجاوز النمو بها 7% اذا كانت عوامل الاستقرار متوافرة.
كما أن هذه النسب ليست ثابتة ومن الممكن أن تكون مرشحة لمزيد من الارتفاع بعد فوز قطر بشرف استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، ومن الممكن أن يكون هذا البلد الصغير منبعا للمفاجآت وحتما سوف يؤثر ايجابا على جميع دول المنطقة. وكنا قد أكدنا أن السياسة المنفتحة المتبعة في الكويت سوف تجعل من هذا البلد الرابح الاول في دول مجلس التعاون الخليجي.فضلا عن خبرة الكويتي المكتسبة في الفترة الاخيرة وهذا ما سوف يحدد افقا مشرقة للغاية بالنسبة للكويت نظرا لقربه من قطر مع التقاطر المتوقع للمستثمرين للتفتيش عن سبل الاستثمار وما يشجع في هذا المضمار ـ اذا ما استثنينا دبي وقطر ـ عامل الارض والبيئة.
وإذا عدنا الى التقرير السنوي الذي أصدرته الامانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي نرى ان هذا التقرير شدد وبشكل حازم على القطاع الخاص الذي يسعى في الوقت الراهن لاتخاذ تدابير ملائمة شأنها إنهاء تداعيات الازمة العالمية.
وأوضح تقرير الامانة العامة للاتحاد أن الحكومات الخليجية يتوجب عليها مواصلة تنفيذ برامج التحفيز الاقتصادي بهدف مساعدة القطاع الخاص على مواجهة التحديات الراهنة وخاصة موضوع البطالة ومعالجته معالجة جذرية، فضلا عن مساعدة الشركات الصغرى منها قبل الكبرى وذلك عن طريق مدها بالقروض الطويلة الاجل وتحريرها من بعض القيود.
بحيث تركز هذه الخطة على توفير ضمانات جزئية للبنوك مقابل توفير التسهيلات للقطاع الخاص بحيث تعمل الحكومات على اعادة هيكلة الشركات وتصنيفها ومساعدتها على ألا تشكل الضامن للقروض. اذ أكدنا أنه من أهم الاسباب التي أدت الى تفاقم الازمة الاقتصادية العالمية التدخل السلبي لبعض الحكومات في بعض الدول في العالم وكان الرهان على قصر عمر الازمة لتفاجأ بأن الازمة أصبحت كالنار تجتاح حتى القطاعات الامنة فيها وأصبح الموضوع بدلا من التفكير في القضاء على الازمة العالمية ادارة هذه الازمة.
وإذا عدنا الى التقرير نرى أن حكومات دول الخليج عليها الا تخفض برامج الانفاق الحالية وخاصة على المشاريع الكبرى بسبب الارتفاع في الايرادات النفطية، بل على العكس من ذلك لابد من اتباع سياسات معاكسة للدورة الاقتصادية من خلال زيادة الانفاق في وقت ميل النشاط الاقتصادي نحو الانحسار، أي أن الابقاء على مستوى الانفاق مرتفعا يعد أمرا أساسيا في هذه المرحلة، خاصة أن أسعار النفط تتجه نحو الارتفاع اذ سجل سعر النفط اليوم 88 دولارا مع تصريحات عدد من المسؤولين ان السعر حتى 90 دولارا يبقى في الحد المعقول، واذا قسنا هذا السعر بالطفرة الاقتصادية مع الاستقرار المتوقع فانه حتما سينتج نتائج باهرة.
وبالعودة الى ختام التقرير الذي قدم وبصورة علمية نظرته المستقبلية للوضع الاقتصادي في دول المجلس وكان متفائلا جدا في هذه المرة حيث أكد على أن دول مجلس التعاون الخليجي مطالبة بالاستمرار في برامجها الرامية لتأسيس الاتحاد النقدي ولا نعني بالعملة المشتركة في الوقت الحاضر ومعالجة جميع معوقات الاتحاد الجمركي عن طريق سياسة جمركية موحدة والسوق الخليجية المشتركة المنفتحة مع سياسة رقابية صارمة شبيهة الى حد ما بالسوق الاوروبية المشتركة، نظرا لتأثيراتها البالغة على مستقبل تكاملها الاقتصادي واستمرار برامج التنمية ومواجهة التحديات العالمية، خاصة أن النمو الاقتصادي يعطي قوة دفع قوية للقطاع الخاص.
واذا قارنا ذلك مع الوضع في الكويت لا يسعنا سوى التذكير بأنه لابد من اعادة هيكلة الشركات ودعمها عن طريق قروض طويلة ومتوسطة الاجل، اذ ان الاعتماد وفي الوقت الراهن يبقى وبصورة أساسية على القطاع الخاص لتحقيق طفرة في الاقتصاد، فضلا عن أنه لابد من الاشارة الى أن الاستعانة بالخبرات الخارجية أصبح عنصرا مهما، فعن طريقه نستطيع التدريب والتأهيل للوصل الى يد عاملة قادرة على مواكبة التطورات وفي الختام نتوجه الى هذا البلد المعطاء بشكل عام والى أصحاب اليد الخيرة بشكل خاص الى الاستثمار في قطاع التعليم داخل الكويت عن طريق بناء أفضل وأكبر الجامعات.
والتوجه نحو الخبرات الاجنبية وليس في قولنا هذا انتقاص من خبراتنا وقدراتنا بل لان الاختصاصات الموجودة في الغرب والتي نحن بأشد الحاجة اليها نفتقر الى جامعاتها واساتذتهاو نريد أن نكسر حصرية الغرب لها وخاصة أننا نملك طاقات شابة جاهزة، كل ما تحتاجه هو الفرص فلتكن لهم هذه المجالات وانني واثق بأنهم سيقودوننا نحو النجاح وفي الختام وكما في كل ختام نتمنى لهذا البلد المعطاء النجاح والتقدم والازدهار ولنختم دائما بالدعاء للكويت الحبيبة الله حاميها.
[email protected]