وبقلم : د.محمود مغربى
«لعنة».. «كارثة».. «جريمة كبرى».. «خطأ جسيم».. «صفقة خائبة».. «خطيئة».. «نقطة سوداء».. «فضيحة العصر».. «كبيرة الكبائر».. «مجزرة وطن».. إلى سواها من مفردات ومصطلحات استحضرت من معجم اللغة العربية لتوصيف الحالة العامة الكويتية من واقعة «الداو» الشهيرة حديث الساعة في كل دار وصحيفة ومجلة محليا إقليميا دوليا وعالميا.
أمام مشهد كهذا مؤلم ومحزن ومفجع، وقفنا عاجزين أمام الكم الهائل من الأسئلة التي انهالت علينا في مؤتمر التحكيم في دبي. البعض يقول ان قيمة التعويض في عقد الداو لم ولن يشهد له التاريخ بعد اليوم، البعض الآخر يقول في حال الدفع سنجعل من الأمر سابقة يمكن أن تزحف بالمصطلح القانوني المعروف على العرف الذي سيخرق بدوره جدار السيادة للدولة بمقدراتها، خرجنا عن صمتنا المقصود، ولبرهة، ليس من باب خالف تعرف، فما تلك خصال رجل القانون المؤتمن على تأدية رسالة العلم والثقافة خدمة للفكر القانوني عامة والعربي خاصة، خرجنا عن صمتنا المقصود، ولبرهة، ليس من باب الترف العلمي أو التحفظ على القرار التحكيمي الأجنبي فما تلك مناحي تقييم الحقوقي للمشهد القانوني المحلي والدولي، إنما خرجنا عن صمتنا المقصود، ولبرهة، حرصا على قوة الحق ومنطق الحق وأحقية الحق في زمن الفوضى في الحقوق والأخلاق وممارسة الحريات والدعوة إليها، خرجنا عن صمتنا المقصود، ولبرهة، لنسطر كلمة صدق قانونية بثقة وهدوء وبأقصى درجات التجرد والموضوعية في قضية بقدر ما هي سياسية بامتياز واقتصادية بامتياز واجتماعية بامتياز، هي حتما وقسرا، قانونية بامتياز استثنائي في بعديها الوطني والدولي.
فالمسألة والحق يقال، أبعد من مجرد «نكسة» مالية في مشروع استثماري على ضخامتها، المسألة أعظم من مجرد «خسارة» سمعة دولية أو وجهة استثمارية رئيسية على جسامتها.
المسألة أدق من مجرد «شبهات» و«مخالفات» و«تجاوزات» على خطورتها إن صحت.
المسألة أهم من مجرد «كمين» و«تسرع» و«ريبة» و«انتهاكات» على فداحتها إن وجدت..
المسألة في حقيقة مدلولها عميقة جدا عمق الفضاء والمحيطات، تتصل بفلسفة وجود التحكيم ومعنى الاحتكام للتحكيم ومبنى الالتزام بمنظومة التحكيم ومنحى التظلم من قرارات التحكيم.
نعم.. المسألة بعيدا عن أي مبالغة بهذا القدر من العمق والدقة والصعوبة، تتصل، شئنا أم أبينا، بمؤسسة التحكيم المكرسة لحرية «الحرية» وسلطان «سلطان الإرادة» تحقيقا للعدالة المنشودة.
[email protected]