يعاني المواطن من تدني مستوى الخدمات الصحية في البلاد، ما جعل فئة ليست بالقليلة من المواطنين يتجهون للمستشفيات الخاصة لتلقي العلاج رغم تكلفتها العالية، ولعل السؤال الذي يتبادر للذهن هنا: لماذا تعاني الخدمات الصحية هذا التدني الواضح، ونحن في دولة يفترض انها دولة نفطية يشار اليها بالبنان؟
اﻻجابة عن هذا السؤال يعرفها الكل، فهي ﻻ تحتاج الى ذكاء لان الكل يرى أن هناك تلكؤا وتباطؤا واضحين في حل المشاكل التي يعانى منها المواطن الكويتي، فالحكومة نفسها تدرك وجود أمراض في قطاع الصحة ولكنها تتعامل بأسلوب المسكنات دون أن تقوم باستئصال اﻻختلالات الأساسية للجسد الصحي للدولة، وبلغة الطب فإن الداء يزداد كلما ترك للمسكنات فقط، ونحن كمراقبين للأوضاع المحلية نقول للحكومة: متى يرضى المواطن عن الخدمات الصحية في بلاده؟ ولماذا لم يحقق وزراء الصحة خلال الثلاثة عقود الأخيرة أي إصلاحات حقيقية لمستوى الخدمات الصحية رغم ان وزارة الصحة تنفق ببذخ هائل على المؤتمرات الطبية التي تعقد في الكويت؟ وأين توصيات تلك المؤتمرات؟ ولماذا تظل دائما حبيسة الأدراج دون أن ينتفع بها؟!
والمشكلة أن الحكومة لم تقم ببناء مستشفيات جديدة كبرى منذ الثمانينيات وحتى الآن رغم ان عدد سكان الكويت بمواطنيها ووافديها كان ﻻ يزيد على مليون ونصف المليون تقريبا، والآن عدد السكان يزيد على ثلاثة ملايين مواطن ووافد، فهل المنشآت الطبية التي كانت تكفي مليونا ونصف المليون نسمة تكفى ضعف هذا العدد؟ ومازلنا نسمع عن بناء مستشفى جابر منذ عدة سنوات كبقية المشاريع التي نسمع عنها منذ عهود طويلة، واعتقد أن القارئ الكريم لديه الكثير والكثير عن المشاريع التي يسمع عنها في وسائل الإعلام منذ عقود ولم يتم إنجازها.
وتزداد المشكلة في استقطاب أطباء من خارج البلاد بعضهم ﻻ يتمتع بالمهنية العالية، والأخطر من ذلك اﻻعتماد على أطباء درسوا الطب في بلادهم باللغة العربية فقط رغم أن الطب في العالم العربي لا يعتمد إلا على اﻻكتشافات والدراسات الطبية الأجنبية التي تأتي إلينا من الوﻻيات المتحدة وبريطانيا وهولندا وألمانيا وغيرها من الدول المتقدمة في المجال الطبي، وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فلماذا ﻻ تستقطب وزارة الصحة أطباء مهرة من تلك الدول الأجنبية لعلاج الكويتيين في الحالات المستعصية بدلا من علاجهم في الخارج؟
وبهذه المناسبة نقترح على الدولة إنشاء مدينة طبية عالمية جديدة لتخفف الضغط عن منطقة الصباح الطبية بحيث تتخصص المدينة العالمية الجديدة في علاج الحاﻻت المستعصية وغيرها، ويمكن ان تستقبل تلك المدينة مرضى من دول خليجية وعربية ليتم علاجهم في الكويت، وبهذا ستوفر الدولة على نفسها اﻻموال الطائلة التي تنفقها على العلاج في الخارج، ومن ناحية اخرى فإن هذه المدينة ستخفف الأعباء على المستشفيات الحكومية الأخرى.
فهل يمكن أن يتحقق هذا الحلم الطبي في الكويت، أم سننتظر حتى تتجه أي دولة أخرى لترجمة تلك الفكرة على ارضها ونظل في نومنا العميق؟!
[email protected]