تعاني معظم دول العالم من غول ارتفاع نسب التضخم بسبب ارتفاع الأسعار التي تلتهم مداخيل الأفراد وعندما ننظر إلى وضع التضخم في الكويت نجده الأسوأ حظا نظرا لأن الكويت تعتمد على استيراد معظم ما تستهلكه من مأكل ومشرب وملبس وسيارات وأدوات كهربائية ودوائية وأمور أخرى من الصعب أن تحصى في هذه المقالة وببساطة نعرف التضخم انه «ارتفاع المستوى العام للأسعار وبالتالي احتياج المستهلكين إلى مبالغ أكبر للسلع والخدمات والتي كانت إلى وقت قريب أرخص سعرا وبدوره يؤدي إلى هبوط القوة الشرائية «وفي ظل غول التضخم في الكويت نرى ان الراتب الذي يتلقاه المواطن لا يتوازى مع ارتفاع الأسعار ولذا تكثر المطالبات بزيادة الرواتب حتى تتلاءم تكاليف احتياجات المواطن المعيشية التي لا تنتهي خاصة ان الحكومة عاجزة عن تلجيم التضخم وفي ظل زخم معاناة المواطن بقلة راتبه داهمنا ما يسمى بالبديل الاستراتيجي الذي تراه الحكومة الأنسب لعدالة الأجور بحيث ترى ان هناك تباينا شاسعا بين مهندس على سبيل المثال يتقاضى راتبا عاليا جدا ومهندس آخر يتقاضى راتبا أقل بكثير من الأول.
ولم تذكر الحكومة في بديلها هذا حجم العمل ونوعه بالنسبة للمهندس الأول عن المهندس الثاني وكأن الحكومة لا تعلم ان هناك موظفا منتجا يعمل لساعات طويلة في ظروف قاسية وهناك موظفون لا يعانون إلا من الفراغ لعدم وجود أي أعمال تسند اليهم، إذن العيب هنا ليس على الموظف الذي يعمل ولا على الموظف الذي لا يعمل وبهذا نقول للحكومة ان هذا البديل يفتقد كليا العدالة وهي هنا لم تنظر للآية الكريمة القائلة: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وعرفيا ودستوريا لا يجوز ان ننزع من اي موظف المميزات التي تلقاها في وظيفته، كما لا يجوز ان نجرده من تلك الصلاحيات عقب بعد وصوله سن التقاعد، الم تعلم الحكومة ان هذا البديل لو طبق فسيجعل الفئة العظمى من المواطنين يرفضون التقاعد المبكر حتى لا يقل دخلهم وحتى يعيشوا حياة كريمة آدمية، وهذا الأمر بحد ذاته سيضع حجر عثرة أمام الحكومة في حل المشكلة التوظيفية.
ان هذا البديل كشف عوارا حقيقيا للحكومة التي لم تدرك ردود الفعل الرافضة لهذا البديل، ونقول ان مجلس الأمة اذا رضخ لهذا البديل فهذا معناه ان المواطن سيقول على هذا المجلس السلام لأن الشعب سيفقد ثقته بالسلطتين التنفيذية والتشريعية معا خاصة ان جميع جمعيات النفع العام والنقابات المهنية رفضت هذا البديل ،والمثير للاستغراب ان الحكومة صرحت بأن تطبيق هذا البديل سيوفر عليها تقريبا نحو 15 مليار دينار في 10 سنوات إذا القصة بأكملها لا عدالة أجور ولا يحزنون بل هي محاولة من الحكومة لتنويع مصادر دخلها على حساب المواطن الغلبان، وفي الأخير نقول للحكومة انها اذا أدركت عدم استطاعتها لحل مشاكلها فعليها ان تعلن ذلك صراحة وأن تعطي زمام الأمر لمن يستطيع.
[email protected]