لعل أبرز العراقيل التي تواجه الدول الساعية لنهضتها الاقتصادية والتنموية الروتين القاتل الذي يفتك ويدمر أي محاولة إصلاحية ولذلك أول خطوة قام بها مهاتير محمد أول تسلمه رئاسة وزراء ماليزيا في أوائل الثمانينيات استئصال مرض الروتين حتى استطاع في غضون سنوات قليلة نقل ماليزيا من دولة فقيرة إلى مصاف النمور الاقتصادية الآسيوية ولا اعلم لماذا تغلق حكومتنا الرشيدة أعينها وتصم آذانها عن تجارب الدول التي تقدمت اقتصاديا نتيجة تعافيها من مرض الروتين.
ويبدو أننا استحسنا التخبط والعشوائية وجمود القوانين حتى أصبح المواطن يشعر بالمرارة والدوخة أثناء تخليص معاملاته بسبب الدورات المستندية التي عفى عليها الزمن حتى أصبحت ديرتنا طاردة ومطفشة لأي محاولة إصلاحية على الصعيدين التنموي والاقتصادي، ولا نعلم هل هناك تعمد وقصد لسيطرة البيروقراطية السلبية والروتين بطريقة ممنهجة لإغراق المواطنين في دوامة الروتين؟ أم أن هذه التعقيدات الحكومية تصب لصالح فئات معينة؟
المشكلة أن الحكومة تدرك تماما خطورة الروتين وضرره على تطفيش رؤوس الأموال الوطنية إلى الدول المجاورة وغيرها، ومن حقنا أن نسأل لماذا كثيرا ما يتم اختيار مسؤولين ليست لديهم أي رؤى تطويرية للبلاد؟
وللأسف هناك تقارير دولية تؤكد تراجع الكويت اقتصاديا، فمثلا جاء في تصنيف وكالة «بلومبيرغ» الاقتصادية لعام 2014 تصنيف الكويت ضمن الدول غير الجاذبة للأعمال على المستوى العالمي والخليجي والإقليمي، ولم تحتل الكويت أي مرتبة ضمن قائمة الـ 50 بلدا الأكثر جاذبية لأنشطة الأعمال في عام 2014، في حين جاءت خمس دول خليجية ضمن هذه القائمة.
نزيد من الشعر بيتا فقد كشف تقرير صدر عن البنك الدولي مؤخرا عن: «أن البيروقراطية والدورة المستندية في الكويت تعتبر الأسوأ بين الكثير من الدول» وبعد هذا ألم يأن للحكومة أن تعمل على إزالة كل أسباب تعثرها؟
والى متى سنظل نتباكى على ريادتنا السابقة؟ ولهذا لن نمل من تكرار قول إن الكويت لن تتقدم إلى الأمام تنمويا واقتصاديا وفكريا ما لم تحسن الحكومة اختيار القياديين في مختلف الدوائر الحكومية، وستظل ديرتنا متراجعة ما لم تقض على الروتين والبيروقراطية المتفشية في أجهزتها الحكومية وستظل البيئة الكويتية طاردة للاستثمار المحلي والأجنبي ما لم تعدل القوانين التي تتحكم في آليات الأجهزة الحكومية المتصلة بشكل مباشر بالمواطنين، كما أن الوضع يتطلب محاربة الشلليات والمحسوبيات في الأجهزة الحكومية وتنفيذ الخطط التنموية بصورة فاعلة وسريعة حتى تلحق البلاد بركب الدول المجاورة على أقل تقدير.
[email protected]