يقول المولى سبحانه (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة)، ويقول جل ذكره مستنكرا فعل قوم (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض). فالسياسة يجب أن تناط بالشريعة فتكون سياسة شرعية محاطة بسياج من عند الله تعالى، إذ (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا). وإن لم تكن كذلك وعصفت بها أهواء البشر كبيرهم وصغيرهم، فستأخذ ما تشاء وتذر ما تشاء فيما يرضي مسيرتها، غير ناظرة ولا آبهة لخلاف رغبتها.
وحينما ننظر إلى أيامنا هذه وكأننا في سوق عكاظ ومجنة – والمباركية يا ولد الحجية – والجماعة يستطعمون ويتذوقون ما طاب لهم من فتاوى الشريعة وما يروق لنفوسهم، لاسيما مع تأييد الجميع إذ أنه لا يشك أحدنا في إسلام الجميع، حينها تعرف المزاجية والانتقائية.
نعم كلنا مسلمون، مسلمون عاصون مذنبون خطاؤون وبعضنا «شلاخون» و«عيارون»... الخ. لكن يكمن الفرق بين السياسي المسلم الصادق وبين غيره في الاعتراف بالذنب وفضيلة الاقرار به.
طاعة ولي الأمر أمر يقر به الجميع في حفظ كيان الدولة وصيانة أعراض وأمن الناس جميعا، وأن إثارة الفتن وتأليب الجمهور حول ذلك من الشر الكبير والخطر الجسيم، ولا ضير في استبسال الجميع في حمل قضية كهذه، لكن الأمر المحزن أن تصوت الحكومة ومجموعة من الأعضاء – التبع- في زمن قصير لا تكاد تنسى فيه فتاوى طاعة ولي الأمر – أن تصوت ضد إعفاء اللحى للعسكريين، بحجة أو بأخرى، ولم نر الإصرار الحكومي على طلب فتاوى والأخذ بها في مثل هذه القضايا مع أنه «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، «إنما الطاعة في المعروف».
وهكذا جعلوا الدين مطية لرغبة سياسية:
الدين رأس المال فاستمسك به
فضياعه من أعظم الخسران
أمنية مع إطلالة العام الجديد: مع وجود كتلة «إلا الدستور»، والأغلبية الدينية– إن صح التعبير – أن يقدم طلب تغيير المادة الثانية (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة)..
(وليمحص الله الذين آمنوا)... (ليجزي الله الصادقين بصدقهم)
وهنا تُعلم النوايا الصادقة من حمَالة الشعارات البراقة.. وأكيد الحكومة لن تمانع فلا يزايد أحد على أحد، ولا يساوم أحد على أحد.
صلوا على رسول الهدى.
[email protected]