إنكم في زمان تتسارع أحداثه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتكنولوجيا، لم أصل إلى عمر الأربعين ولكني حتما منذ عقود وأنا أسير إلى الله، وكلنا كذلك.
كان يحدونا الشوق إلى قصص الأمهات والجدات والآباء والأجداد، فإذا بدأوا بـ «كان يا مكان» صرنا آذانا صاغية وعيونا بارزة تشرئب الرقاب وتخفض مع صعود نبرة الصوت ونزوله. اليوم أصبحنا نحمل من الحكايات ما لم يدركه الأولون بداهة ولا أولادنا وقوعا، الحرب العراقية ـ الإيرانية، خطف الجابرية، الاعتداء على موكب سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، الاحتلال الصدامي للكويت وتحريرها، والسجال السياسي بين السلطتين لم ينته بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تبعها من غزو أميركي، والحرب على الإرهاب وعلى العراق، وسقوط أنظمة وطغاة، ثم فتنة طائفية تجوب بلاد المسلمين، ليجيء الدور في ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية، وأنت مع كل هذا مازلت في عمر أقل من عمر القضية الفلسطينية المنسية وأيضا لم ينته السجال السياسي في البرلمان الكويتي، استجوابات شتى لرئيس الوزراء، سباب وتراشق بالألفاظ وتبادل الضرب بالعقل والعصي ونفس طائفي وأجندات خارجية تنفذ ونتحدث إليكم ـ تحديدا ـ بأخبار بلدكم هذا في زمنكم هذا عن سراق المال العام ودخول الجنس اللطيف إلى البرلمان وتوزيرهن، ثم دخلت أخت الرجال السلك العسكري لتصبح ضابطا وشرطيا جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل ونتحدث معكم عن ضمير الأمة والأمة التي ليس لها ضمير، وكيف يصبح راعي الإبل والغنم من أغنياء القوم بين عشية وضحاها، ومن هو الواصل ومن يكون الحلمنتيشي ومتى يحرم الكاتب عن المقال ولماذا يضرب المزدوج مع غيره وعن تقسيم الكويتيين إلى فئات وطبقات وشماغ أحمر وغترة بيضاء وعمامة سوداء واسألوني هنا أيضا عمن يؤبن مغنية ثم يصبح وزيرا بعدها ولماذا استجواب أحمد الفهد بما لا يمت لعمله الوزاري بصلة ولماذا الصرعاوي مع مرزوق وعباس مع الشعبي؟ ولماذا يضرب نواب الأمة في حادثة الصليبخات؟ يا بني الجيل الجديد: لقد أدركنا الهواتف الأرضية فقط وكان النقال عزيزا جدا واليوم زمن البي بي والآيفون ولماذا يمنع من إقامة مسجد عبد الكريم البابطين في بنيد القار؟ وتعطيل الأوراق في درج الوزير؟ وإن لم تسأل عن الأغذية الفاسدة وتجارها فسأخبرك؟ وما سر الصراع بين نادي القادسية ونادي الكويت؟ وستعرف بمفردك من يحرجنا مع الشقيقة المملكة السعودية حينما يسب ويشتم الوهابية وتعرف أيضا وأنت نائم من يتلقى الأوامر من نائب الفقيه؟
وأناس يريدون الصلاة على بن لادن يترحمون على المسلمين عموما وآخرين يلعنونه بكرة وعشيا وأيضا لايزال الطرح السياسي وهبوطه سمة من سمات الجيل السياسي الحالي. والعالم من حولك كالحمم البركانية غليانا، يستوجب على عقلاء الديرة العمل بفقه جلب المصالح ودرء المفاسد. فإذا ما أضفت إلى ذلك كله شيئا من تاريخ تجاربك في الحياة وقليلا من التحليل والاستنتاجات وفق فهمك للدستور وقوانين الدولة طبعا فأنت على وشك أن تكون كتاب «ألف ليلة.. وليلة».
وإني وإن كنت الأخير زمانه
لآت بما لم تستطعه الأوائل
وأغدو ولو أن الصباح صوارم
وأسري ولو أن الظلام جحافل
إذا وصف الطائي بالبخل مادر
وعير قسا بالفهاهة باقل
وقال السهى للشمس أنت ضئيلة
وقال الدجا: يا صبح لونك حائل
وطاولت الأرض السماء سفاهة
وعيرت الشهب الحصا والجنادل
فيا موت زر إن الحياة ذميمة
ويا نفس جدي إن دهرك هازل
صلوا على رسول الهدى