منصور الهاجري
ما ان يحدث او يقع حادث اجتماعي او انساني الا ونسمع احد المسؤولين يردد على لسانه «عاداتنا وتقاليدنا تمنعنا من ذلك ولا نستطيع ان نتجاوز العادات والتقاليد»، مثل هذا الرجل نسي ان عاداتنا القديمة قد اندثرت وانتهت ولم يبق منها الا شيء واحد وهو تقديم العزاء اثناء الوفاة، ومع هذا اصبح العزاء غير العزاء القديم الذي نعرفه، والعادات والتقاليد القديمة انتهت عند من يعيش من الجيل السابق او ابناء هذا الجيل.
في الآونة الاخيرة قرأت تصريحا لاحد النواب الافاضل يطالب فيه بفصل علاج النساء عن الرجال بقوله لا تفحص المرأة الا طبيبة ولا يفحص الرجل الا طبيب، وقال ان ذلك من العادات والتقاليد، برغم ان النائب الفاضل كان طبيبا وهو يعرف اكثر من غيره النقص الموجود بالهيئة الطبية والتمريضية.
وماذا يحدث اذا ذهبت امرأة حامل الى المستشفى ليلا ولا توجد طبيبة هل تُترك حتى تموت ام ان الطبيب الموجود يشرف على ولادتها.
عندما نقول عادات وتقاليد فان هذين المسميين يكونان من قديم الزمان اي منذ اجيال مضت وفي ذلك الوقت لم يكن الطب الحديث قد دخل الى الكويت وخاصة منذ مائة عام فالعادات والتقاليد لا علاقة لها بذلك ولا يجب ان نعلق عليها كل امورنا ونقول بسبب العادات والتقاليد. هذه امور قد توارت واندثرت ولم يبق لنا منها الا القليل القليل،
فمن عاداتنا وتقاليدنا زيارة العم والعمة والخال والخالة وذوي القربي من الدرجة الاولى والثانية، فهل يقوم الجيل الحالي بزيارة هؤلاء والتقرب منهم؟
العادات والتقاليد من الماضي، اصبحت من تراثنا ونتغنى بالماضي، ولكن لا ننسى ان نعلم اطفال الكويت بذلك الماضي لكي يعرفوا ماذا فعل اجدادهم الكبار وماذا قدموا لوطنهم.
علينا مهام كبيرة بتوطيد العلاقة فيما بين الاطفال من الاقرباء وابناء الحي الواحد كما كان بالسابق.
ان العادات والتقاليد لها مدرسة يجب علينا ان نلحق اطفالنا من ابناء هذا الجيل بها، وذلك بذكر الطيب مما اداه الاولون من قول وعمل، ان المتاحف لسان حال الامة والمرآة التي تعكس للاجيال الحالية ما قدمه الرجال من الاجداد والآباء، فعلينا الاهتمام بجميع ما تركه السابقون لكي يعرف الحاليون ما في امتهم ووطنهم.
ان للكويت تراثا بحريا وآخر بريا فعلى المسؤولين الاهتمام بالتراث وجمعه وتخصيص مكان لعرضه.
وبهذه الطريقة نحافظ على العادات والتقاليد التي انتهت مع النهضة الحديثة، لتدرك الاجيال القادمة ما لتلك العادات من مكانة في المجتمع الكويتي القديم.
واذا كنا قبل السبعينيات نرى انه من العيب ان تقود المرأة او الفتاة السيارة، فهل هذه العادة باقية؟ طبعا انتهت، لأن المرأة لم تكن تعمل في الوزارات قبل الستينيات وقد انتهت هذه العادة وانتشرت المرأة في العمل واليوم تحتل مكانة مرموقة بين الرجال في جميع الوزارات.
فلماذا نقول عن كل شيء هذه عاداتنا وتقاليدنا.
لقد انتهى عصر الممنوع ودخلنا عصر العمل والعمل المشترك للرجل والمرأة ولكن بحدود بعيدا عن الاختلاط.
ان العادات والتقاليد لا تقف حجر عثرة امام التقدم والتطور، وعلى الجميع ان يعمل بهمة ونشاط لتقدم وازدهار الوطن.
ولا نجعل من العادات والتقاليد شماعة لاخطاء يرتكبها البعض ونقول «عاداتنا وتقاليدنا لا تسمح».
الوطن بحاجة للرجال والنساء للعمل بكل تفان واخلاص، ولننهض بوطننا ونجعل من الكويت بلدا عظيما عاليا في مصاف الدول المتقدمة.
والحشمة والاحترام مطلوبان من الجنسين، من الرجل والمرأة.