في عام 1961 كنت طالبا في الصف الرابع المتوسط بمدرسة الشامية، وكان عندي دراجة أستخدمها في الذهاب والعودة من والى المدرسة، وكذلك في تنقلي من الفيحاء الى الشامية، أو الى سوق الكويت أيام العطل والجمعة. وكان الوالد رحمه الله قد فتح دكان بقالة من البيت، وإذا غاب الوالد أحل مكانه، وقد كنت محبا لقراءة الكتب والصحف، وأثناء وجودي في الدكان كنت أشغل وقتي بالقراءة إذا لم يوجد زبائن، وفي ذلك العام حصلت في عيد الأضحى على مبلغ بسيط كعيدية.
ومن عادة الشباب أيام الأعياد أن يذهبوا الى المطاعم التي كانت موجودة في الشارع الجديد (شارع عبدالله السالم حاليا)، وفي عصر اليوم الثالث من عيد الأضحى توجهت الى سوق المقاصيص خلف الشارع الجديد وشاهدت رجلا كبيرا بالسن يفترش الأرض وأمامه مجموعة كبيرة من الكتب القديمة المختلفة الأشكال والأحجام والألوان، ومن بين تلك الكتب أخذت واحدا وتصفحته فوجدت مادته تاريخية، وقد طبع منذ سنوات بعيدة فاشتريته بروبيتين (العملة القديمة للكويت)، وكان الكتاب بعنوان «نهضة الأعيان بحرية عمان»، ومادته الأساسية عن سلطنة عمان وإمارات الساحل المهادن (دولة الإمارات العربية) حاليا، ويحتوي الكتاب على مجموعة من القصائد لمجموعة من الأدباء والشعراء الذين عاشوا بين سلطنة عمان وإمارات الساحل المهادن، وكان عدد صفحات الكتاب 468 صفحة، ولا أزال أحتفظ بطبعته القديمة، وكان من تأليف أبي بشير محمد بن شيبة بن نور الدين عبدالله بن حميد السالمي.
وقد كان إهداء الكتاب الى جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود، وجاء في المقدمة:
حياك بتحية الملك من أحيا بك دعوة الحق
ورداك من رداء الأعاظم من أعلى
بك لواء الإسلام
وآخر المقدمة يقول المؤلف:
فنحمد حالا آوتنا اليك
واياما دفعتنا بين يديك
فدينك جبر الكسير وفك الأسير
وإعانة المستجير
أنت الندى وابن الندى وأبو الندى
حليف الندى ما للندى عنك مهرب
وقد نشرت مقالا حول الكتاب في مجلة الاستقلال، وكنت بالصف الاول الثانوي بثانوية الشويخ وفي منتصف العام الدراسي تم استدعائي من قبل ناظر ثانوية الشويخ الاستاذ عبدالمجيد مصطفى، وكان يومئذ المسؤول عن المصريين العاملين في الكويت، المهم قابلت الناظر وكنت خائفا لا أعرف ماذا يريد مني، وقال: وزارة التربية تطلب حضورك، فاذهب الى هناك وتسلم جائزتك، ويوم الخميس لم أذهب الى المدرسة وذهبت الى وزارة التربية والتقيت بأحد القياديين وسلمني الجائزة وكانت عبارة عن قلم باركر (21) وكان ترتيبي الأول على جميع المشاركين في مقالات بمجلة الاستقلال تعود الى الكتاب الذي يضم مجموعة من الشعراء.
ومن القصائد المنشورة في الكتاب يقول أحد الشعراء:
عرج على باب الكريم المفضل
والثم ثراه ساعة وتذلل
هذا أول كتاب اقتنيته منذ مرحلة الشباب، ولا أزال أحتفظ به في مكتبتي، ولولا الجائزة التي حصلت عليها لما استمررت في القراءة والكتابة، فالجوائز حافز للاستمرار في أي مجال كان.