منصور النزهان
صدر عن مجلس خدمة المدنية القرار رقم 25 لعام 2006 بشأن شغل الوظائف الاشرافية واعتمد لتوليها المزج بين المؤهل العلمي وسنوات الخبرة وأقرها على الشكل التالي:
-
منصب مدير ادارة: مؤهل جامعي تخصصي + عشر سنوات خبرة فعلية.
-
منصب مراقب: مؤهل جامعي تخصصي + ثماني سنوات خبرة فعلية.
-
منصب رئيس قسم: مؤهل جامعي تخصصي + ست سنوات خبرة فعلية ولحملة الدبلوم التخصصي او الدورات التدريبية «سنتان بعد الثانوية العامة» واضاف اربع سنوات خبرة فعلية اضافة لما هو مقرر لحاملي المؤهل الجامعي.
ووضع شرطا مهما لتولي منصب اشرافي ان يتم ندب الموظف لمدة عام على الاقل قبل تثبيته في الوظيفة الاشرافية.
وبالنظر لهذا القرار المنظم لتولي الوظائف الاشرافية فإنه انشأ مفهوما قانونيا جديدا للندب مغايرا للمفهوم القانوني السائد، حيث انه قبل هذا القرار كان يتم الندب حسب المادة 32 من قانون الخدمة المدنية اي ان الندب كان يعتبر تغييرا مؤقتا لحالة الموظف لا يترتب عليه تغيير في مركزه القانوني.
وبالتمعن في القرار رقم 25/2006 نجد انه وضع شروطا لحالة الندب لتولي وظيفة اشرافية اعلى وفي هذه الحالة فإنه يعتبر ترقية حتى وان اطلق عليه مسمى ندب، لانه اصبح لا يمكن ترقية موظف لوظيفة اشرافية اعلى الا بعد ندبه وفي هذه الحالة فإن ما ينطبق على الترقية بطبيعة الحال ينطبق على الندب وذلك من حيث السحب والالغاء والطعن.
وبما ان المبدأ القانوني الذي اقرته محكمة التمييز حيث حددت فترة 60 يوما للطعن او السحب منذ صدور القرار، ويذكر ان قبل صدور القانون انشاء الدائرة الادارية رقم 20 لعام 1981 المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1982 فإنه الادارة كانت غير مقيدة لميعاد معين لسحب القرار.
وقد ورد في القاعدة القانونية رقم 326 من القضاء الاداري: انه من المقرر قانونا ان الادارة تملك سحب قراراتها غير المشروعة التزاما منها بغير الشرعية وتصحيحها للاوضاع المخالفة للقانون حتى ولو كان من شأن هذه القرارات توليد حقوق بالمخالفة للقانون واذا كانت اعتبارات استقرار الاوضاع واحترام الثقة المشروعة لدى الافراد في معاملاتهم مع الادارة قد املت ضرورة استقرار المراكز القانونية الناشئة عن القرارات غير المشروعة بعد مضي مدة معقولة حتى لا يفاجأ الافراد في تعاملاتهم مع الادارة بتغير الاوضاع المألوفة فجأة، لاسيما اذا كانوا قد رتبوا امورهم على بقائها فإن تحديد هذه المدة المعقولة متروك تقديره للادارة تحت رقابة القضاء في ضوء ظروف وملابسات كل حالة على حدة غير انه من المستقر ايضا انه اذا كان المشرع نظم طريقا قضائيا لرفع دعوى إلقاء القرارات الادارية فإنه يتعين قياس المدة التي لا يجوز فيها سحب القرارات غير المشروعة على المدة التي يجوز فيها الطلب إلقاءها قضائيا ما لم ينص القانون على غير ذلك.
ومرد ذلك الى وجوب التوفيق بينما يجب ان يكون للإدارة من حق في اصلاح ما ينطوي عليه قرارها من مخالفة قانونية وجوب استقرار الاوضاع القانونية المترتبة على القرار الاداري مع مراعاة الا تساق بين الميعاد الذي يجوز فيه لذوي الشأن طلب إلقاء القرار الاداري بالطريق القضائي والميعاد الذي يجوز فيه للادارة سحب القرار غير المشروع بحيث اذا تحصن القرار في مواجهة القاضي فإنه يتحصن من باب اولى في مواجهة الادارة.
ومؤدى ذلك انه في حال عدم وجود قضاء إلغاء للقرار الاداري ينتفي اساس تحديد مدة زمنية معينة يتعين على الادارة التزامها في سحب قراراتها غير المشروعة وانما يستهدف بمعيار المدة المعقولة على نحو ما سبق بيانه.
لما كان ذلك وكانت دعوى الالغاء قد شرعت لاول مرة في الكويت بموجب المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 المعمول به اعتبارا من اول اكتوبر سنة 1981 والذي نصت المادة السابعة منه على تحديد ميعاد رفع دعوى الالغاء في 60 يوما من تاريخ نشر او صدور القرار المطعون فيه او اعلان اصحاب الشأن به فمن ثم لا وجه لتقييد سلطة الادارة قبل تاريخ العمل بالقانون المذكور في سحب قراراتها غير مشروعة وتصحيحها وبمفهوم المخالفة لذلك فان سلطة الادارة اصبحت مقيدة بمدة 60 يوما المقررة بدعوى الالغاء بعد صدور قانون انشاء المحكمة الادارية السالف الذكر.
كما ان محكمة التمييز الادارية اصدرت حكمها بأنه لا يجوز سحب القرار الاداري المعيب الا خلال 60 يوما من تاريخ صدوره بحيث اذا انقضت هذه المدة تحصن القرار واكتسب حصانة تعصمه من اي سحب او إلغاء او تعديل، اما القرار الاداري السليم فلا يجوز سحبه منذ صدوره.
محكمة التمييز الكويتية: «الطعن رقم 14 لسنة 1988 اداري جلسة 4/7/1988» و«الطعن رقم 106 لسنة 2008 اداري جلسة 22/1/2008».
وبما ان المحكمة الادارية حال النظر في الطعون او طلب إلغاء قرارات لا تنظر لصيغة القرار وانما الى مضمونه وحيث ان قرارات الندب لوظيفة اشرافية اعلى بعد قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 25/2006 اصبح قرار ترقية بالمفهوم القانوني الصحيح وليس قرار ندب تشكله المادة 32 من قانون الخدمة المدنية حيث ان الندب حسب المادة المذكورة يجب ان يكون لفترة زمنية محددة وان يتم لوظيفة يتمتع صاحبها الاصلي بغياب مؤقت واما اذا تم الندب لوظيفة اشرافية اعلى «شاغرة» فهي ترقية لان شاغرها يجب ان تتوافر فيه قبل ندبه لشغلها شروط قرار 25/2006 وكذلك يجب حسب القرار المذكور ان يكون من تم ندبه حاصلا على تقرير امتياز للسنتين الاخيرتين ويتضح من هذا الشرط انها ترقية وهذا ما جنح له تفسير ديوان الخدمة وأيده في كتب صادرة لجهات ادارية يتضمن هذا المفهوم.
وعليه فإن قرار الندب لوظيفة اشرافية اعلى يتحصن السليم منها بصدوره واما القرارات المخالفة فإنها تتحصن من السحب او التعديل بعد مضي 60 يوما من صدورها ولا تستطيع الادارة سحبها لتحصنها حسبما اقرته محكمة التمييز الاداري ـ كما اشرنا سابقا ـ .
وما ذكر نقدمه للمعنيين بسياق احكام المحكمة الادارية والقواعد القانونية لحفظ حقوق الجميع.