لقد أبهرني ما سمعت عن احوال المرضى الكويتيين في لندن كما أبهرتني التكاليف المالية التي تتحملها الحكومة من اجل المواطنين، ومع ذلك وللأسف نسمع من البعض ان الحكومة مقصرة، والحقيقة ان ارضاء الناس غاية لا تدرك ولعل شاهد العيان على ذلك هو أخي وصديقي المواطن فهد ناصر الخزام لكونه احد المبتعثين للعلاج بالخارج من قبل وزارة الصحة، وقد وصل الى الكويت قبل دخول شهر رمضان بقليل وقد وصف لي مشاهداته قائلا: ان وزارة الصحة لم تقف عند حد معالجة المريض في المستشفيات البريطانية فقط بل ان وزارة الصحة استطاعت ان تختار مجموعة من الكفاءات الكويتية المتميزة بالإدارة وحسن التعامل مع المراجعين، وهم يستحقون التقدير والاحترام بشهادة الجميع، ومن اللافت للانتباه انهم تحملوا امانتهم امام الله بأدق تفاصيلها والدليل على ذلك قدرتهم الفائقة على استيعاب هذه الاعداد الضخمة من المرضى ومرافقيهم وتذليل كل الصعوبات التي يوجهونها دون اشعار المريض ومرافقيه بأن الطريق غير سالك امامهم، ويرجع هذا الامر الى ميكانيكية العمل التي يعمل بها المكتب الصحي في لندن والادارة المتميزة والناجحة التي يتولاها رئس المكتب ويشرف عليها بنفسه بل انه لا يدخر شيئا في نصحه للمرضى ومرافقيهم لأجل الحد من معاناتهم.
اخذني الفضول الى الاستمرار في سماع صديقي فهد الخزام ثم قال ذهبت في زيارة الى المكتب الصحي في لندن واذا بشخص يدعى احمد السعيدي وهو مثال للأخلاق وقمة في العطاء والإنتاجية والتواضع وقد كان حوله اشخاص كثر يقوم بتوجيههم حسب حاجتهم وعندما فرغ منهم التفت الي قائلا: اهلا وسهلا تفضل قلت كان الله في عونك ليست لي حاجة بل اتيت الى هنا من باب الفضول كي اتعرف عليك وسألته ان كان هو المسؤول هنا ام لا ؟ فأجاب قائلا: لا بل انا موظف هنا لخدمتكم فقلت له:كثر الله امثالك فقد بذلت مجهودا تشكر عليه وانصرفت بعد ذلك وتساءلت في نفسي اذا كان هذا عمل الموظف فكيف سيكون عمل المسؤول؟ فأردت ان اتعرف على المسؤول الذي يقف وراء هذا العمل الرائع وقد دفعني الى ذلك ثناء ومدح المرضى ومرافقيهم لهذا الرجل المخلص في عمله ووجدت انه الدكتور يعقوب التمار، ومن لا يشكر الناس لا يشكره الله، وكنت لا اعرف كيف اعبر له عن شكري وتقديري فقمت بتجهيز درعا تذكارية له قبل ان اطلب مقابلته.
والمفاجأة كانت عندما طلبت مقابلته اذ قال لي الموظف المختص ليست لدينا أبواب مغلقة بل إن جميع الأبواب مفتوحة، حدد الموعد فقط ونحن بانتظارك للدخول على اي مسؤول تريده في المكتب، وفي اليوم التالي دخلت مكتب الفارس فقام من مكتبه واستقبلني عند الباب بكل تواضع واحترام وهو لا يدري ما حاجتي، فقلت له يا دكتور انا لم يسبق لي أن التقيت بك من قبل لكن شهود الله بأرض الله وقد أتيتك إلى هنا لأشكرك على إخلاصك في العمل وعلى ادارتك الرائعة للمكتب الصحي وهذا الدرع شيء رمزي اعبر لك من خلاله عن تقديري لجهودك فأرجو قبوله مني، ثم قال جزاك الله خيرا، يا ليت كل الناس تثمن الدور الذي نقوم به، ثم قال لي ألك حاجة كي اقضيها لك، فقلت له لا والله سوى الثناء عليك وشكرك على هذا العمل الرائع الذي تقوم به، فقال لي هذا واجبنا ونحن مسؤولون عنه امام الله، فرددت عليه قائلا: بهذه الزيارة أهديناك درعا تذكارية في الدنيا، وفي الآخرة نسأل الله أن يهديك الجنة، فما اروع المسؤول ان يكون أمره لله، ونحن فعلا بحاجة الى مثل هؤلاء الشرفاء.
حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه آمين.