من الملاحظ ان الحملة الأوروبية ضد الإسلام في أوروبا قد بدأت تظهر على السطح ولعل هذه الحملة فيها نوع من الديبلوماسية، ففي سويسرا منعت المآذن تحت حجة ما، وهذه الحجة كانت غائبة طول العقود الماضية، وفي فرنسا التي تعتبر المركز العالمي للحريات قامت الحكومة بمبادرة لعرضها على البرلمان الفرنسي للمصادقة عليها وهي منع النقاب في فرنسا، وأخيرا بلجيكا أصدرت قانونا يعاقب بالحبس أو الغرامة لكل سيدة تخرج من بيتها وهي مرتدية النقاب. وفي ألمانيا قتلت السيدة المصرية المحجبة أمام رجال الشرطة لأسباب غير معروفة من قبل شخص ألماني من أصل روسي يقال انه مختل عقليا.
ولو وقفنا وقفة تأمل حول هذه السلوكيات الجديدة والتي اتخذت من النقاب عدوا لها لوجدنا ان الدوافع الحقيقية لهذه التصرفات المسؤولة تنحصر في الحد من انتشار الإسلام في أوروبا فخلال السنوات القادمة يرى المحللون ان الإسلام سيكون الدين الأول في فرنسا، اما في بلجيكا وهولندا والمجر والدنمارك فقد أصبح الإسلام بالنسبة لهم محل جدل واسع بين الأوساط المثقفة وقد أصبح لدى الكثيرين من هؤلاء قناعة بأن الإسلام هو الدين المثالي بالنسبة لهم، فالإسلام له سحر علمي واجتماعي واقتصادي بجانب الروحانية الرائعة التي يستشعرها المعتنقون له عند التعمق فيه. اما الإجراءات الوردية التي قامت بها الحكومات الأوروبية فما هي إلا بداية خجولة للحد من انتشار الإسلام في دولهم، ولكن قد يصل الأمر فيما بعد إلى دخول جميع الدول الأوروبية في الدين الإسلامي في يوم ما بالمستقبل، وتلك هي الحقيقة التي يعرفها المسلمون والتي وعد الله بها ولكن متى تكتمل الله أعلم. ولكن كم هو جميل ان تقوم الشعوب الأوروبية برحلة استكشافية للإسلام عن طريق الإنترنت أو عن طريق المكاتب الفنية بالكتب الإسلامية.
فالتاريخ الإسلامي يؤكد لنا ان الإسلام دين عالمي وليس دينا خاصا بالعرب، وما يؤكد ذلك الفتوحات الإسلامية التي قام بها أجدادنا (أبناء الصحابة) فإيران وأذربيجان وإسبانيا واندونيسيا والهند والصين والمغرب العربي كانت اللغة العربية من العوائق المنطقية التي تحدهم من دخول الإسلام إذ ان اللغة العربية هي لغة الإسلام، إلا ان ذلك لم يكن عائقا جوهريا في الإعراض عن دخول الإسلام، بل ان أغلب حفظة القرآن اليوم نجدهم ممن لا يجيدون اللغة العربية في المحادثة، بل ان اللغة العربية ليست لغتهم الأم ومع ذلك حفظوا القرآن الكريم قبل الكثير من العرب، وهذا يعني ان السمو الإسلامي في المشاعر الروحانية يدفعهم إلى تحدي المستحيل من أجل حفظ القرآن الكريم، لذلك ومن خلال تحليل سريع لميكانيكية الفتوحات الإسلامية وروحانية الإسلام الذي يفتقدها الكثير من أبناء الشعوب الأوروبية والتي تقودهم إلى الاستقرار النفسي والاجتماعي ستجعلهم يندفعون وبقوة إلى اعتناق الدين الإسلامي الذي يضمن لهم تنظيم حياتهم النفسية والاجتماعية وغير ذلك من الإيجابيات الأخرى.
فالحرب الوردية ضد النقاب في أوروبا ما هي إلا حرب فكرية لا يريد صانعوها انتشار الإسلام في بلدانهم ولكنهم وبالتأكيد لن يستطيعوا كبح جماح القناعات الأوروبية بحقيقة الإسلام التي تدعو إلى توحيد الله والعدل والمساواة والاستقرار النفسي والاجتماعي والمالي.
فاليوم النقاب وغدا اللحية وبعد غد الصلاة، ولكن سيعلمون فيما بعد ان الدين لله والله عز وجل يقول وهو خير القائلين (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا ان يتم نوره ولو كره الكافرون).