تزعم وزارة الصحة بأنها ستقوم بتوفير مئات الآلاف من حبوب اليود للمواطنين وهذا من باب الوقاية أو تحسبا لأي تسرب إشعاعي من مفاعل بوشهر النووي، ويعتقد الكثير من المواطنين أن وزارة الصحة قامت مشكورة بالقضاء على جميع المخاوف التي تنتاب المواطنين في حالة حدوث تسرب إشعاعي من مفاعل بوشهر، لكن الحقيقة لا تقتصر على حماية الغدة الدرقية من اليود المشع فحسب من خلال تناول حبة اليود فالأشعة النووية تنقسم الى ثلاثة اقسام وهي:
أولا: أشعة ألفا التي يمكن صدها من خلال سماكة ورقة a4.
ثانيا: أشعة بيتا ويمكن صدها من خلال سماكة تقدر بقطعة خشب أو حائط.
ثالثا: أشعة جاما وهي الأخطر على الاطلاق فيمكنها اختراق ستة أمتار من الرصاص.
وهذه الأشعة يمكن إدراكها من خلال أجهزة الاستشعار الاشعاعي، أما الحواس الخمس فإنها لا تستطيع ادراكها ويمكن لهذه الأشعة قتل الإنسان، وهذا الأمر يعتمد على عمر المصاب وكمية الإشعاع التي يمتصها الجسم، فمنهم من يلقى حتفه في الحال ومنهم خلال دقائق أو أيام أو شهور وهذا طبعا بعد معاناة طويلة مع الآلام المبرحة، أما آلية هذه الأضرار البيولوجية للأشعة النووية فتعتمد على تغير الشحنات الكهربائية الخاصة بالعناصر الموجودة في أنسجة الجسم، كما أنها تقوم بحقن الخلايا الحية بطاقة مفرطة وهذا يعني تغيير نمط سرعة التفاعلات الكيميائية القياسية في جسم الإنسان والتي تهدف إلى تجديد الخلايا وتعزيزها في الجسم إضافة إلى ذلك نجد أن هذه الأشعة تقوم بتغيير ميكانيكية الانزيمات وركائزها، أما أطوال جسيمات ألفا فهي قصيرة وتتميز بسرعة الامتصاص من قبل الغلاف الجوي لكنها مؤذية وضارة في حالة استنشاقها أو هضمها أما إشعاع بيتا فسيكون ضارا عند المسافات البعيدة عن موقع الإشعاع وهذا النوع من الإشعاع له القدرة على اختراق الأنسجة الحية والتسبب في حروق بالبشرة كما أن دخول واحد غرام من هذا الإشعاع الى المعدة كفيل بإصابتها بالسرطان.
والأشعة النووية لها القدرة الفائقة على تفتيت الكروموسومات داخل كل خلية ولها دور فعال في تشويه الأجنة من خلال تأثيرها المباشر على الصفات الوراثية dna إذ أن لها القدرة على إحداث تغيير كبير في التركيب الكيميائي للجينات الحاملة للصفات الوراثية ويعتمد التشوه على مقدار المسافة بين الشخص ومصدر الإشعاع والأشعة النووية لها القدرة على قطع مسافات بعيدة خصوصا فوق سطح البحر.
ومن الناحية العلمية نجد ان الغدة الدرقية ليست المتضرر الوحيد في جسم الإنسان بل إن الجهاز اللنفاوي والغدة الدرقية والغدة التناسلية ونخاع العظم هي أكثر الأنسجة تضررا من الإشعاع في جسم الإنسان، أما الأنسجة الأقل حساسية للإشعاع فهي الجلد والعظام والجهاز العصبي لذلك يمكننا بأن القول إن التخدير الموضوعي للرأي العام من قبل وزارة الصحة وخلال التزود بحبة اليود ليس إلا محاولة مضحكة لتدليل الغدة الدرقية على حساب بقية أعضاء الجسم والتي لن تكون بمأمن من خطر الأشعة النووية، وأرجو من وزير الصحة أن يعيد النظر في مشروع حبة اليود ويستبدله بحملة توعوية ثقافية لتعريف المواطن بطرق الوقاية المدنية من الأشعة النووية وأنا مستعد لمساعدته في ذلك إعلاميا وثقافيا إن أراد ذلك حقا.