مفرح العنزي
لو أننا قمنا بكتابة ألف مقال أو تحقيق صحافي أو قمنا بإعداد العشرات من البرامج الفضائية أو دشنا الكثير من المواقع الاسلامية على شبكة الانترنت أو تحدثنا ليلا ونهارا عن الاسلام في منتديات الانترنت وغيرها من وسائل الاتصال فإن ذلك لا يغني عن رؤية لقاء العملاقين الدينيين بين المسيحية والاسلام وهما خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وبابا الڤاتيكان بنديكت السادس عشر، وكان واضحا للجميع أنه لقاء ودي رائع تم من خلاله تبادل الهدايا والأحاديث الرامية الى فتح باب الحوار بين الأديان والدفاع عن القيم الدينية والأخلاقية وكل ذلك يهدف الى الوصول الى تعايش سلمي بناء بين المسيحيين والمسلمين وهذا شيء مهم لكلا الطرفين، فالواقعان التاريخي والحالي يقودانا الى عدة قواسم مشتركة بين الطرفين أهمها اننا نعيش في كوكب واحد وأنهم أهل كتاب ونحن أهل كتاب وأن كنيسة القيامة على أرض عربية وكذلك المسجد الأقصى الذي يمثل القبلة الأولى للمسلمين على أرض عربية، وان هناك الكثير من الجاليات المسيحية تعيش في البلدان العربية التي يختلط فيها صوت الأذان بصوت أجراس الكنائس، وبالمقابل نجد الكثير من الجاليات المسلمة تعيش في البلدان الغربية والأميركيتين، ولا ننسى التبادل والتعاون الاقتصادي والديبلوماسي والعسكري بين الطرفين في الوقت الحالي، اما في الماضي فقد اشتهر المسيحيون بإجادة صناعة السيوف والحراب ابان العصر الذهبي للدولة الاسلامية، وقد عاش المسلمون والمسيحيون جنبا الى جنب في جو تسوده الألفة والمحبة والاحترام والتعاون.
اما اليوم فقد زادت الفجوة بين الأقوال والأفعال المقصودة التي تهدف الى خلق جو من التوتر والفرقة بين الاسلام والمسيحية، فمثلا نجد ان الكثير من الجرائم الارهابية تغلف بغلاف الاسلام، والاسلام بريء منها وكذلك هناك من ينادي بالفرقة من منطلق الحروب الصليبية، مع العلم ان أكثر من 80% من المنتجات الاستهلاكية المستوردة من قبل الدول الاسلامية هي منتجات غربية أو «صليبية» وهل هذا يعني اننا سننقاد وراء أصحاب الشعارات المستهلكة ذات الأفق المحدود والمنفعة الشخصية؟ بالطبع لا. بل يجب علينا ان نذوب في قناة الحوار والدعوة بالتي هي احسن والقول اللين الهين الذي ينصر الحق البين.
وفي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى بابا الڤاتيكان بنديكت السادس عشر في مقره، اشارة واضحة الى ان الاسلام هو دين سلام ورحمة ومحبة وليس دين ارهاب كما يزعم أعداء السلام والاسلام والمسيحية، فشكرا لكلا العملاقين على هذا اللقاء.