مفرح العنزي
بينما كانت احدى القوافل تجوب الصحراء، سقط احد الجمال الذي كان محملا بالبضائع وحاول قائد القافلة مساعدته على الوقوف وتكملة المسير، لكن الجمل لفظ انفاسه الاخيرة.
فبكى قائد القافلة بكاء شديدا على هذا الجمل، ولامه الموجودون على موقفه قائلين: انت رجل وتبكي كل هذا البكاء على حيوان! فرد قائلا: ان ما يبكيني هو ان هذا الجمل كان طوال مسير القافلة يطعن بسكين في خاصرته، وهذا السكين اخترق بالخطأ المتاع الموجود على ظهره واصابه بنزيف ولم يشتك ولم يبد اي نوع من الاحتجاج على هذا الالم الذي اصابه حتى سقط ميتا، وانا ابكي ليس على الجمل بل ابكي على الرجال الذين يتحملون الآلام والصعاب والمخاطر ويموتون ولا احد يعلم كيف ماتوا.
و«الكويتية» التي خدمت ابناء الكويت جيلا بعد جيل لم يسمع احد من ابناء الكويت عن أي عيب فيها في السابق، بل انها في ذلك الوقت كانت على رأس الهرم مقارنة بالطيران العربي والخليجي، لكن اليوم اصبح الوضع مختلفا تماما، وكأنها مولودة اليوم وكأنها لا تمتلك ماضيا مشرفا، فأصبح مجلس الامة يهاجمها ويهاجم رئيسها واصبح الاعلام يروي للجمهور ان «الكويتية» كادت تسقط في المحيط ومرة تأخرت في مطار جدة ومرة في القاهرة، ويخيل للقارئ والمستمع ان هذه الامور محرمة على جميع خطوط طيران العالم.
قصص خيالية تذكرني بقضية سندباد وياسمينة مع عمليق وصخر، او قصة سندريلا عندما تزوجت الامير.
والحقيقة ان «الكويتية» ليست لديها ورشة اصلاح لقطع غيار الطائرات، بل ان اي قطعة في الطائرة لها عمر افتراضي محدد بالساعات ويقوم المهندسون الكويتيون العاملون بها باستبدال القطعة بالكامل، وهذا يعني ارتفاع نسبة الامان مقارنة ببعض الخطوط العربية التي تشتري القطع المستعملة من قبل «الكويتية» وتجري عليها بعض الصيانة ثم تقوم بتركيبها في طائراتها، والهجوم على «الكويتية» لا يعني الا احد امرين، الاول هو استبدال مجلس ادارتها بمجلس آخر يقع تحت مظلة المحسوبية، اما الآخر فهو ان الهجوم على «الكويتية» واسقاط اسهمها في عقلية المستهلك الكويتي لكي يتجه الى الطيران الخاص الجديد او الطيران الاقليمي.
تلك هي قصة ومشكلة «الكويتية» الجريحة التي ان لم تتلق العلاج الحكومي الحاسم فستنزف جروحها او تلتهب ومن ثم تنهار، الا ان انهيارها فجأة لن يتلاءم اخلاقيا مع ماضيها المشرف.