مفرح العنزي
في الاسبوع الماضي اتصلت بي مديرة معلمة ابني الذي يدرس في المرحلة الابتدائية، وقالت لي ان ابنك يحتاج الى الذهاب للمستشفى، فذهبت للمدرسة على الفور، لكنني لم احسب حساب رحلة المشقة التي سأقوم بها في هذا المستشفى حتى أصل الى الطبيب المختص، فالمواقف ممتلئة بالكامل والسيارات التي لم يجد اصحابها موقفا ركنوها فوق الرصيف، والدخول الى داخل المستشفى يكلف المراجع الكثير من الوقت، فالمدخل واحد والمخرج واحد لمواقف العيادات الخارجية، وعندما استطعت بعد معاناة ايجاد موقف لسيارتي توجهت الى طبيب الاطفال ووجدت ان الازدحام على هذه العيادة وصل الى خارج ممراتها الرئيسية، ودخل المراجعون في ممرات العيادات المجاورة، وبعد جهد وصبر طويلين وصلت الى الطبيب، فقال لي الولد يحتاج الى فحص للنظر، ومرة اخرى بدأت من جديد، فطلبت من الموظفة المختصة رقما واثناء طلبي قامت بمناداة احد المراجعين من احدى الجنسيات العربية، فاندفع نحو الشباك كالقذيفة، وكاد ان يصطدم بمواطنة عجوز لولا انها ابتعدت عن وجهه، وجاء مَن بعده مطالبا الموظفة بورقته، وكان الوضع مؤسفا حقا، فالمواطنون والمواطنات والمقيمون والمقيمات بمختلف ثقافاتهم وأعراقهم وأجناسهم وعاداتهم وتقاليدهم وملابسهم يصولون ويجولون في ممرات العيادات الخارجية في مستشفى الفروانية، اما صيدلية العيادات الخارجية وغرف سحب الدم فهي قصة معاناة مستقلة، لا اريد الخوض فيها الآن لضيق المساحة، لكن المهم هو ان المواطن الكويتي لايزال خاليا من الخصوصية، خاصة في المجال الصحي، مع ان كثيرا من الدول لديها نفقات باهظة التكلفة حول ما يتعلق بالصحة، كذلك لدى مواطنيها أولوية في جميع الامور، ولعل الامور الصحية على رأس قائمة الاولويات، اما في الكويت فإن مجال التنمية الصحية لايزال كما هو قبل اكثر من ثلاثين عاما، وربما لاتزال السياسة الصحية تأخذها من رؤوس وأدمغة غير كويتية الى الآن، وحتى إشعار آخر.
أما في مجال العلاج في الخارج فالحمد لله الامور «عال العال»، على الرغم من تكدس الدكاترة الكويتيين في البلد وجوهر المشكلة الصحية هو غياب الاستراتيجية الواضحة والقرار القوي، وإذا بقي الحال كما هو عليه الآن وازدادت الزحمة في السنوات المقبلة فإننا سنضطر الى العودة للعلاج بالكي والبحث عن عين يمنى لديك أسود مع كبد نمر لكي نعالج مشاكلنا الصحية!