في سبتمبر عام 2013 قامت الولايات المتحدة بحشد أسطولها العسكري البحري والجوي أمام سورية استعدادا للضربة الجوية ضد نظام بشار، إلا ان هذا التوجه لم يكن مرحبا به من قبل روسيا وإسرائيل لأنه يتعارض مع مصالحهما في المنطقة إذ اتضح من خلال الثورة السورية أن النظام السوري تعتبره إسرائيل الحارس الأمين لحدودها مع سورية، وقد وجدت ذلك واضحا عندما قمت بجولة سياحية بسيارتي الكويتية هناك.
ففي البداية منعتنا القوات السورية المتواجدة بهذه المنطقة من المرور عبر حاجز القنيطرة إلا بتصريح من جهاز الأمن العسكري إلا أنني استطعت أن أتخطى هذا الحاجز من خلال طرق فرعية يعرفها مرافقي السوري وهو من أهل القنيطرة ذهبت خلالها إلى جبل الشيخ وخان أرنبه ومجدل شمس وبئر عجم وغيرها من القرى. الغريب أنني عندما اقتربت من قرية مجدل شمس ظهرت لي عناصر مسلحة من الجيش السوري وطلبوا مني الخروج من هذه المنطقة وعدم الاقتراب من الحدود الإسرائيلية وأنا لا أعلم أنني وصلت الحدود الإسرائيلية.
وعليه فإنني لا ألوم إسرائيل على التمسك ببشار، أما روسيا فإنها تريد من بشار ثروات الشعب السوري من النفط والغاز المتواجدة على الساحل السوري وبكميات هائلة مقابل حماية نظامه من الزوال وهذا نوع من أنواع «السلبطة الروسية الدولية».
وهذا التضارب السياسي والعسكري جزء مهم في منع أميركا من توجيه ضربة عسكرية إلى نظام الأسد كذلك نجده أدى إلى تعليق حل الأزمة السورية وسيستمر هذا التعليق الى ان ينقرض الشعب السوري أو الى أن يصل عدده إلى أقل من عدد سكان باب توما بدمشق. إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يقبله أي ضمير إنساني حي بهذا العالم.
لكن الحل الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه لإنهاء حالة تعليق ملف الثورة السورية وهو يتميز بكلفة بسيطة وأرباح عالية ويمكن استخلاصه ورؤيته بصورة واضحة من خلال مشاهدات شاهد عيان لشخص صديق لي وهو سوري الجنسية التقيت به مؤخرا في الرياض، حيث ذكر لي أن الضربة الجوية الأميركية التي يفترض أن تقع قبل عام كادت ان تسقط النظام من دون أن تقع فقلت له كيف؟ فقال لي يا أخي لقد تجولت في دمشق وهي مليئة بالحواجز الأمنية ورأيت بنفسي معنويات جيش النظام وأمنه وهي منهارة، وقد زادت معدلات حالات الانشقاق في صفوف الجيش السوري وانضمامهم للجيش الحر ويقول انه انتشرت أخبار كثيرة مفادها أن قيادات كبيرة في الجيش السوري هربت إلى تركيا والأردن وقبرص وإلى أوروبا وأميركا خوفا من الضربة الأميركية، ويقول أيضا «بينما كنت أتجول في شوارع دمشق صادف مروري بحاجز عسكري به مجموعة من أبناء عشيرتي فقلت لهم ماذا أعددتم للضربة الأميركية؟ فقالوا: لم نعد لها إلا الهروب إلى أي مكان آمن شأننا في ذلك شأن الكثير من عناصر الجيش السوري».
وقالوا أيضا: إن اليوم يمر علينا كسنة بسبب الرعب الذي أصابنا ونحن نعيش في أحوال معيشية سيئة ومعنويات منهارة نريد أي سبب للخلاص، وأكد لي أيضا انه لو استمرت أميركا في التلويح بالضربة لمدة أسبوعين على الأقل فإنني أراهن على أن النظام سيسقط تلقائيا بسبب هذا الرعب الذي امتلك عقول وقلوب أفراد وضباط قوات النظام السوري.
فإن كانت أميركا تريد إسقاط النظام السوري القمعي واستبداله بديموقراطيتها الراقية دون أن تخسر طلقة واحدة ودون ان تحرج روسيا وإسرائيل معها فليس لها سوى هذا الحل البارع الذي أكده مواطن سوري بسيط أعرفه جيدا وأعرف عنه الحنكة والرأي السديد وهو أيضا يعرف سيكولوجية أبناء شعبه وطريقة تفكيرهم وردود أفعالهم.
ومن وجهة نظري يجب ان يكون هناك تحرك دولي لسد فراغ الحكم في سورية قبل وصول «داعش» لدمشق أو أن ينتظر العالم حكم «داعش» الحتمي لسورية وغرب العراق ثم ينتظر العالم وصول الانتحاريين الدواعش من الأوروبيين والأميركان وستكون بداية مرحلة جديدة ومعقدة من الإرهاب الدولي، وحتما سيكون لها ضحايا كثيرون.