عندما أراد الشعب إسقاط النظام فإن ذلك يعني بانه يريد نظاما افضل من النظام القائم هذا من الجانب النظري ولكن عندما يطبق هذا المطلب على ارض الواقع فإن الأمر يختلف تماما، بل إن الشعب سينحدر إلى الهاوية بعد أن تسقط هيبة الدولة والنظام القائم بها ولعل ما جلبه الربيع العربي بالمفهوم العربي أسوأ بكثير مما كان متوقع أي العيش بحرية ورفاهية وعدل واستقرار.
لكن التعريف الحقيقي لهذا الربيع العربي يكمن في التعريف الغربي له وهو الفوضى الخلاقة التي أرادها أعداء العرب والمسلمين فالشعوب العربية التي اجتاحتها الفوضى الخلاقة إلى الآن لم ينج منها إلا تونس ففي ليبيا ما زالت الدماء تسيل وفي سورية وفي اليمن كذلك وعلى الرغم من هدوء بعض الدول الأخرى إلا أنه هدوء يغلفه الحذر والترقب لأعمال العنف هنا وهناك بسبب تحول ما بداخل هذه الدول الى حالة مشابهة لحالة الأوس والخزرج في مرحلة ما قبل الإسلام.
ولو بحثنا في تعثر الربيع العربي وتحوله إلى فوضى خلاقة كما يصفها من يريدها ان تكون هكذا فإننا نجد الجواب في الآتي: عدم وجود كفاءات وطنية مؤهلة للحكم، تدخل الدولة العميقة لإفساد الثورة، التدخل الخارجي، القمع بالبراميل المتفجرة، تبني مليشيات المنظمات المتشددة لرفع مستوى الفوضى في البلد الذي أراد الشعب إسقاط نظامه القائم، عدم وصول الأحزاب والشرائح الاجتماعية إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، اختلاف القوى الدولية حول إنهاء الصراع في البلاد التي دخلتها الفوضى الخلاقة، والسبب في ذلك هو للمحافظة على سلامة مصالحها في تلك الدول.
أما الخاسر الأكبر في شعار الشعب يريد إسقاط النظام فهو الشعوب العربية التي أردت إسقاط أنظمتها.
ومما سبق علينا ان ندرك ان الحكيم هو من يعتبر بغيره وأن ضياع الدولة يعني ضياع شعبها وثرواتها وامنها واستقرارها وتحول مواطنيها الى لاجئين يعانون من الجوع والعطش والبرد والحر والقتل وسيجدون أن حياة الإنسان أرخص من حياة البهائم وبهذه الفوضى يسفه الحكيم والعالم ويرتفع شان السفهاء والجهلة وقساة القلوب والمجرمين، وليتخيل القارئ شكل الحياة أو الدولة وهي تحت سيطرتهم أنها الجحيم بعينه.
ولكي لا ننزلق في الكويت في هذا الكابوس المتخفي تحت شعار الشعب يريد إسقاط النظام علينا أن نبدأ بأقرب الناس لنا وخصوصا المراهقين والشباب ونشرح لهم أنواع المساوئ التي ستخلقها الفوضى الخلاقة والمتسترة بشعار إسقاط النظام.
ان الكويت ليست وطنا فقط بل هي أمانة حملها آباؤنا وأجدادنا وحافظوا عليها بدمائهم وأموالهم واليوم هي أمانة في أعناقنا صغارا وكبارا شيبا وشبابا ليس بالشعور فقط، بل بالعمل ورفع مستوى الثقافة الوطنية وخصوصا الولاء التام لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه، ثم للكويت، فالكويت لابد أن تأتي في المرتبة الأولى في جميع حساباتنا، وذلك لضمان سلامتها ولحفظها من الضياع في بحر الفتن الذي خلقته الفوضى الخلاقة.